يومان يفصلنا عن بداية العام الدراسي الجديد، حيث يُفتح باب آخر للمصروفات والتكاليف المالية بعد متطلبات إجازة الصيف الماضية، وشهر رمضان، وعيد الفطر.. وهذا ما وضع العديد من الأسر، وتحديداً من (ذوي الدخل المحدود) في وضع محرج أمام ارتفاع الأسعار الذي أصبح هم المواطن الأول؛ فما بين مصروفات الإجازة والترفيه ومتطلبات شهر رمضان وهدايا العيد وأيضاً عودة المدارس.. كل هذه المناسبات تركت جيوب أرباب الأسر خالية، وربما عاجزة حتى عن السلف لتغطية العجز؛ رغبة في انتظار نزول راتب شهر شوال. أسر تعاني! وقال الأستاذ «سالم البلوي» -الذي التقينا به في إحد المحلات التجارية الخاصة بمستلزمات الدراسة- أن هناك من أرباب الأسر ذوي الدخل المحدود يعيشون معاناة حقيقية من تلك الطلبات، موضحاً أن ثقافة الاقتصاديات الأسرية تغيب عن الكثير منهم، وهذا ما قد يخلق أزمة مالية في حين تواتر مواسم الطلبات مثل هذه الأيام، مطالباً بتفعيل الرقابة الفعلية من الجهات المسؤولة، خاصة وزارة التجارة على أسعار المستلزمات المدرسية، مؤكداً على أنه خلال شرائه وجد تفاوتاً كبيراً في الأسعار بين متجر وآخر. وعلل الأستاذ «محمد الخالدي» -المشرف على إحدى المحلات التجارية لبيع التجزئة- اختلاف الأسعار إلى نوعية وجودة المنتج، وهذا ما خلق الفرق في السعر. مواطن يلحظ تفاوتاً في الأسعار بين قرطاسية وأخرى وقال:»إن الأسعار التي يتعامل بها في متجره تحت إشراف فرع التجارة دون أن ينكر أن هناك العديد من تجار تلك اللوازم يبالغون في السعر، وهذا ماهو موجود بالسوق»، ناصحاً المشتري التحري في الأسعار، وعدم التسرع في الشراء حتى تتضح له رؤيا الأسعار كاملة في كافة المحلات المختصة لبيع تلك المستلزمات. أزمة مالية! ومن جانب آخر، أوضح المواطن «عبدالله خالد عسيري» أن ارتفاع الأسعار واضح وملموس، وهذا ما حدّ الكثيرين من عملية الشراء، أو أجبرهم على الاستدانه في ظل عجز الرواتب أمام حجم المصروفات ومتطلبات المعيشة، مؤكداً على أنه يمر بأزمة حقيقية مع تزامن مناسبات الإجازة ودخول شهر رمضان والعيد وعودة المدارس. وقال:»راتبي 6000 ريال ولم يغطِ جميع الاحتياجات المهمة، وأنا في وضع حرج جداً». وكشف المواطن «إبراهيم عبدالرحمن» أن معاناة هذه الأشهر تترتب أيضاً على تفاوت واختلاف مواعيد الرواتب الشهرية، خصوصاً في شهر رمضان، حيث تصرف في اليوم العشرين لشهر رمضان، فيما تُصرف في شهر شوال في الخامس والعشرين، وهذا ما خلق تفاوتاً أجبر البعض على تغيير سياسات مصاريفه، موضحاً أن المعاناة مستمرة في ظل مصاريف عيد الفطر ومستلزماته وما يليه أيضاً من مستلزمات عودة المدارس، مشيراً إلى أن ذوي الدخل المحدود أو حتى المتوسط لا يستوعبون تلك المصاريف في وقت واحد. طفل يستعرض أنواع الدفاتر بحثاً عن السعر الأقل وعلى الصدد ذاته التقينا المواطن «محمد العلي»، وقال:»أتقاضى راتباًً شهرياً مقداره 700 ريال من الضمان الاجتماعي، وهو راتب زهيد جداً، ولا يكفي متطلبات أسرته المكونة من ثلاثة أفراد، وهذا ما جعله يعيش معاناة كبيرة مع الفقر، وعزوفه عن شراء مستلزمات حياته الخاصة لتوفير لقمة العيش، وانتظار فاعلي الخير لمساعدتي على الوفاء بها». حلول الأزمة ويرى «د.محمد بن عبدالله آل عباس» -أستاذ الاقتصاد بجامعة الملك خالد- أن المواطن البسيط ذو الدخل المحدود يعاني في هذه المرحلة من تضخم متراكم ناتج عن التغيرات الاقتصادية التي نمر بها، منها الناتج من عمليات الاحتكار التي يمارسها كبار تجار التجزئة كعوائد على احتكاراتهم، إضافة إلى التضخم بسبب الطلب المتزايد؛ نتيجة للمواسم التي تتابع ولكل موسم تضخمه، فمن رمضان إلى موسم العيد وبعده وبشكل فوري موسم العودة للمدارس. وقال:»كل هذه المواسم تمر على دخل شهري واحد، وإن كان أحدها يكفي لإنهاء راتب الشهر في يومين؛ فإن ثلاثة مواسم تكفي لقهره لمدة طويلة؛ لأنه سيحتاج إلى الاستدانة لتغطية العجز في تلبية الطلبات المتزايدة». وأضاف أن الحلول موجودة ولكنها تحتاج إلى صدق النية والإخلاص في العمل، فنحن بحاجة إلى رقابة فاعلة وحقيقية خلال هذه المواسم لتجار التجزئة، خاصة الموزعين المعتمدين لكل سلعة، وهي مهمة وزارة التجارة في المقام الأول، ثم كل مواطن، داعياً إلى تفعيل مشاركة المواطنين، وتزويده برقم للاتصال على مدار الساعة للاستفسار عن سعر أي سلعة، بحيث يتمكن المواطن من اتخاذ قرار الشراء بشكل سليم والتبليغ عن أي محاولة لاستغلاله، كما يجب بذل الجهد لتوفير كميات وافرة من السلع خلال هذه المواسم ومع منع أي عمليات تخزين غير شرعيه وغير مصرح بها، كذلك يجب أن تفعل الزكاة، بحيث تصل إلى مستحقيها؛ فمن المعلوم أن شهر رمضان المبارك هو موسم للزكاة أيضاً، حيث درج معظم الناس على احتساب الحول بدء من هذا الشهر ليتم أخراج الزكاة فيه أيضاً، وبهذا فان الزكاة يمكن أن تلعب دوراً فاعلاً في تخفيف معانة ذوي الدخل المحدود. وأشار إلى أن حد الكفاف قد ارتفع كثيراً مع هذه الموجه من التضخم؛ فثلاثة آلاف ريال لعائلة مكونة من رب أسرة وزوجه وطفلين مع سكن مستأجر تعد أقل من الكفاف إن لم تكن أقل منه فعلاً، داعياً إلى إصدار فتوى تحدد سقف الكفاف بهذا الخصوص؛ بما يمكّن من دفع الزكاة إلى هؤلاء الذين نراهم أغنياء من التعفف، حيث هم وأسرهم يعانون من ويلات ارتفاع الأسعار وتزامن المواسم. .. وآخر وجد حاجته بسعر مرتفع