بدأ أعضاء في المجلس الثوري لحركة «فتح» ترتيبات لعقد اجتماع قبل نهاية الشهر الجاري، بهدف تحديد مكان عقد المؤتمر العام السادس للحركة المرجأ منذ 15 عاماً وموعده، بعد فشل اللجنة المركزية في الاتفاق على تفاصيل انعقاده. وكشف أعضاء في اللجنة المركزية ل «فتح» أن التصريحات التي صدرت خلال الاجتماع الأخير للجنة في عمان عن التوصل إلى اتفاق على عقد المؤتمر في الرابع من آب (اغسطس) المقبل في الأراضي الفلسطينية كانت «وهمية» هدفها «التغطية على فشل اللجنة في التوصل إلى اتفاق». وقال عضو اللجنة عبدالله الافرنجي ل «الحياة» إن «المركزية فشلت في الاتفاق على أي شيء... والمجلس الثوري مطالب اليوم بالتحرك لاتخاذ قرار في شأن مكان عقد المؤتمر وموعده». وأضاف أن الاجتماع الأخير للجنة فشل بسبب «تمترس أعضاء اللجنة أمام مواقف قديمة... كل الجهود لم تنجح، لذلك لا بد من تدخل المجلس الثوري». وكانت اللجنة المركزية عقدت أخيراً سلسلة اجتماعات في العاصمة الأردنية بكامل أعضائها (15 عضواً) لاتخاذ قرار في شأن ترتيبات عقد المؤتمر، لكنها فشلت. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» إن «خلافات عميقة ظهرت بين أعضاء اللجنة حول مكان المؤتمر وعضويته، واتسم بعضها بحدة كبيرة، خصوصاً بين الرئيس محمود عباس وعضو اللجنة فاروق القدومي». وقال أحد أعضاء اللجنة إن «خلافات شخصية وتاريخية تفجرت داخل الاجتماعات» التي استمرت ثلاثة أيام، وان «الشيء الوحيد الذي اتفق عليه أعضاء اللجنة هو إطلاق تصريحات إيجابية عن الاجتماع للتغطية على فشله». واتهم كوادر ومسؤولون في الحركة أعضاء اللجنة بافتعال الخلافات من أجل إفشال عقد المؤتمر الذي قد يشكل لمعظمهم نهاية وجودهم في مواقعهم. ورأى عضو المجلس الثوري أبو علي شاهين ل «الحياة» أن «غالبية أعضاء اللجنة المركزية مختلفون على كل شيء، لكنهم متفقون على شيء واحد هو بقاؤهم في مناصبهم حتى يغيبهم الموت». وقال: «لم يكتف الأخوة أعضاء اللجنة ببقائهم في هذه المناصب عشرين عاما، فهم يريدون تعطيل عقد المؤتمر كي يظلوا عشرين عاماً أخرى، أي حتى الموت». ثم أضاف ساخراً: «ربما يفكرون أن يأخذوا فتح معهم إلى القبر، لكن عليهم أن يعلموا أن فتح فكرة والفكرة لا تموت، أما الموت فيأخذ الأنبياء والأولياء وأعضاء اللجنة المركزية أيضاً». ووقّع عدد من أعضاء المجلس الثوري عريضة لعقد اجتماع عاجل للمجلس في رام الله في الثالث والعشرين من الشهر الجاري. وقالت مصادر مطلعة إن عدد الأعضاء الموقعين على العريضة وصل إلى 85 عضواً. ويبلغ عدد أعضاء المجلس الثوري 120 عضواً. ويحتاج عقده إلى نصاب قانوني من 80 عضواً. وأحدثت العريضة خلافات بين قيادة المجلس من أعضاء أمانة السر. ففي حين عارضها أمين السر حمدان عاشور، أيّدها آخرون. ووزع أعضاء أمانة السر المؤيدون للعريضة دعوات إلى عقد الاجتماع. ويُتوقع أن يشهد الاجتماع خلافات حادة نظراً إلى أن عضويته تشمل أيضاً أعضاء اللجنة المركزية الذين يعارض عدد كبير منهم عقد المؤتمر في الأراضي الفلسطينية. ويرى مراقبون أن «فتح» مقدمة على مخاض عسير سيؤدي حتماً إلى خروج عدد من قياداتها على شكل انشقاق أو انفصال أو استقالة. ويُتوقع أن يمضي الرئيس عباس في طريقه لعقد المؤتمر في الداخل، ما سيؤدي إلى مقاطعة عدد من كبار أعضاء اللجنة المركزية، في مقدمهم القدومي. وأثارت الخلافات الأخيرة غضباً واسعاً في صفوف كوادر الحركة على أعضاء لجنتها المركزية. ويتوقع كثيرون أن يقود عقد المؤتمر إلى اخفاق عدد كبير من أعضاء اللجنة في الحصول على ثقة المؤتمر. وأكد قيادي في «فتح» ل «الحياة» أن «هناك محاولات لتعطيل عقد اجتماع المجلس الثوري». وانتقد قياديين في اللجنة المركزية قال إنهم غادروا اجتماع عمّان قبل التوصل إلى موقف من المؤتمر السادس. وأشار إلى أن هؤلاء «يبررون معارضتهم لعقد المؤتمر في الداخل بأنهم يخشون من حدوث انشقاق في الحركة... من يريد أن ينقسم فلينقسم، لكن يجب عقد المؤتمر حتى لا تدمر الحركة والوضع لم يعد يحتمل أي تلكؤ أو تأخير». وأكد أن «المؤتمر سيعقد في مدينة بيت لحم في 4 آب (أغسطس) المقبل، وقرار عباس سيحصن بقرار أوسع من سلطة اللجنة المركزية، وذلك من خلال المجلس الثوري». يُذكر أن العدد الرسمي لأعضاء اللجنة المركزية ل «فتح» 21 عضواً. وغيّب الموت خمسة منهم، هم الرئيس الراحل ياسر عرفات وخليل الوزير وصلاح خلف وخالد الحسن وفيصل الحسيني. وكان عباس أعلن أخيراً أن عقد المؤتمر سيتم في الأول من تموز (يوليو) المقبل في الداخل، ما أثار اعتراض عدد من أعضاء اللجنة المركزية الذين يطالبون بعقده في الخارج لتمكين أعضاء اللجنة المقيمين في تونس من المشاركة. لكن أعضاء اللجنة فشلوا في التوصل إلى اتفاق على المكان في اجتماعهم الأخير الذي عقد في عمان وخصص لهذا الغرض. وفي نهاية الاجتماع، بادر عدد من أعضاء اللجنة إلى اقتراح إطلاق تصريحات وهمية عن الاتفاق على عقد المؤتمر في يوم ميلاد مؤسس الحركة الرئيس الراحل ياسر عرفات للتغطية على فشل الاجتماع. وكان المؤتمر الأخير (الخامس) للحركة عقد في العام 1989 في تونس. وأرجئ عقد المؤتمر الذي ينص النظام الداخلي للحركة على عقده مرة كل خمس سنوات لثلاث دورات متلاحقة بسبب التطورات التي شهدتها القضية الفلسطينية مثل إقامة السلطة واندلاع الانتفاضة الثانية. وأدى تعطيل عقد المؤتمر إلى ترهل في دور المؤسسات القيادية للحركة وتراجع دورها في الشارع الفلسطيني على نحو أدى إلى فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت في العام 2006.