كان جمال، نجل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، المتهم الوحيد في «القضية الكبرى» الذي ظل واقفاً طوال جلسة المحاكمة التي مثل فيها أمس ووالده وشقيقه الأكبر علاء ووزير الداخلية السابق حبيب العادلي وكبار مساعديه. جمال الذي لقب طوال السنوات الماضية قبل اندلاع الثورة ب “الوريث” كان الأقرب لوالده قبل الثورة وبعدها، وحتى في قفص الاتهام على رغم أنه، وفق مراقبين، يتحمل جانباً كبيراً من المسؤولية عما آل إليه مصير والده ونظام حكمه. ظهور جمال وعلاء مبارك أمس هو الأول منذ اندلاع الثورة في 25 كانون الثاني (يناير). ولقاؤهما والدهما هو الأول أيضاً منذ إيداعهما سجن مزرعة طره في شهر نيسان (أبريل) الماضي. ظهر أمس بجلاء في قفص الاتهام ما تحدثت عنه الصحافة على مدار سنوات عن قرب جمال من والده الذي لم يخف هذا القرب في سنوات حكمه عبر إطلاق يد جمال في إدارة شؤون البلاد الداخلية من خلال لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل التي ترأسها. وفيما كان العادلي ومساعدوه مشغولين طوال الوقت بمتابعة وقائع المحاكمة والوجوم بادٍ على وجوههم كان هَم الشقيقين جمال وعلاء مواراة والدهما عن عدسات كاميرات التلفزيون الذي بث وقائع المحاكمة على الهواء مباشرة. كان جمال الأقرب إلى والده طوال 4 ساعات هي فترة عقد جلسة المحاكمة أمس تخللتها استراحتان. فهو من كان يحرك السرير الطبي الذي وضع عليه والده في قفص الاتهام. الرئيس السابق تحدث إلى علاء مرات عدة لكنه تحدث إلى جمال مرات أكثر. والابتسامة الوحيدة التي أبداها مبارك في قفص الاتهام كانت من نصيب جمال في حوار جانبي مع والده تخللته إشارات بأصابعه. وتولى جمال إعادة كلمات القاضي على مسامع والده الذي يعاني ضعفاً في السمع. فهو أعاد على والده سؤال القاضي عن رده على اتهامات النيابة له التي نفاها الرئيس السابق، وكذلك أعاد على مسامعه قرار المحكمة في نهاية الجلسة بعد أن بدا أن مبارك يستفسر منه عن القرار. بدا جمال مهتماً بوالده أكثر من اهتمامه بمتابعة وقائع الجلسة. ومبارك بدا قريباً من نجله الأصغر على رغم تحمله جانباً كبيراً من مسؤولية ما جرى بإصراره على إدارة البلاد متسلحاً ببطانة يمقتها الشعب ويرفض قراراتها. أما وزير الداخلية السابق فلم يعد كما كان «حبيباً» من أسرة الرئيس السابق. المكان الذي شهد تبادل عبارات الثناء بين مبارك والعادلي قبل اندلاع الثورة بأيام قليلة حين أعلن الأخير في حضور الأول في أكاديمية الشرطة خلال الاحتفال بعيد الشرطة توقيف التنظيم المسؤول عن مجزرة كنيسة القديسين هو ذاته الشاهد على الجفاء الذي طاول العلاقة بينهما بفعل الثورة ونفي كل منهما عن نفسه تهمة المسؤولية عن قتل الثوار أو إصدار أوامر باستهدافهم. بدا أن عائلة الرئيس السابق مستاءة من العادلي الذي جلس معظم جلسة المحاكمة متصدراً مساعديه الذين تراصوا خلفه في أحد جوانب قفص الاتهام، وفي الجانب المقابل وقف نجلا مبارك أمام والدهما من دون أن يتحدثا مع العادلي، حتى حين اقترب علاء وجلس لمدة دقائق بجوار العادلي لم يحدثه ولم يلتفت إليه. وفي معظم الأوقات كان بادياً مدى سوء العلاقة بين عائلة الرئيس السابق والمسؤول الأول عن أمن نظامه طوال 14 سنة.