لندن - رويترز - لا يظهر الجيش السوري الذي يمثل ركيزة أساسية للنظام مؤشرات تذكر على انقسامات خطيرة وانشقاقات في صفوفه تتطلع اليها المعارضة على رغم الضغوط التي يتحملها بسبب حملته لقمع الاحتجاجات الشعبية. وفي حين تتقدم الدبابات حملة في مدينة حماة فإن على النظام أن يتساءل عما اذا كان عدد الجنود يكفي للانتشار في عدة أماكن بنفس الوقت اذا دعت الحاجة الى ذلك. وقد يمثل شهر رمضان الذي تتزاور فيه العائلات وتكون فيه أعداد وتحركات المواطنين ليلاً اكثر من الطبيعي اختباراً خطيراً لقوة النظام العسكرية اذا تصاعدت الاحتجاجات وأصبحت الأزمة السورية اكثر دموية. يقول اندرو تيريل استاذ أبحاث شؤون الأمن القومي بكلية الحرب التابعة للجيش الأميركي «نرى بعض الانشقاقات لكن لا شيء يقترب من الكتلة الحرجة التي قد تعتبر مؤشراً على بداية تمرد خطير من الجنود». ويصنف فراس ابي علي وهو محلل في شركة (اكسكلوسيف اناليسيس) للتحليلات والتوقعات التجارية درجة ترابط الجيش السوري بأنها «عالية الى حد بعيد» في ما يتعلق بالانقسامات المحتملة التي قد تؤدي الى انقلاب لكن الأعداد الضئيلة تمثل مشكلة. ويقول: «اذا لم تكن لديهم وحدات موالية كافية للسيطرة على حماة فإنهم لا يملكون وحدات موالية كافية للسيطرة على المدن الاكبر مثل حمص وحلب ودمشق». وأضاف: «لا أعتقد أن لديهم ما يكفي من هذه الوحدات لشن حملات كبيرة في عدة مدن بنفس الوقت على الأقل من دون حدوث انشقاقات ومن دون المجازفة بتوسيع نطاق الاحتجاجات». وكانت قوات الأمن قد حاصرت حماة لمدة شهر قبل بدء الحملة عليها يوم الأحد وهي مدينة يبلغ عدد سكانها 700 الف نسمة وشهدت انتفاضة مسلحة للإسلاميين قمعها النظام عام 1982. ودفعت معاناة حماة الكثير من السوريين الى الخروج في مسيرات تضامنية منذ بدء رمضان لكن رد فعل النظام العنيف يشير الى أنه سيقاوم الدعوات الى التغيير التي اجتاحت سورية ومعظم أنحاء العالم العربي. ولا توجد تقارير منشورة يعتد بها في شأن انتشار القوات المسلحة السورية. وحتى في الأوقات العادية كانت المعلومات عن الجيش قليلة بسبب السرية التي تتوخاها الحكومة والقيود على وسائل الإعلام. ويقول معارضون سوريون في المنفى وخبراء أمنيون إن العدد الضئيل للانشقاقات حتى الآن أقل بكثير مما يمكن اعتباره مؤشراً على انقسامات في الجيش. وهذا دليل على السيطرة المحكمة التي تضمن سطوة النظام في الجيش. وقال سامر افندي المسؤول السابق بجهاز أمن الدولة السوري ل «رويترز» «إحداث انقسامات داخل الجيش السوري ليس سهلاً». وأضاف: «هيكل التوظيف مكون من طبقات مثل الدمية الروسية. الكسر في احدى الطبقات لن يؤثر على بقية الطبقات». ويطبق النظام والانضباط في صفوف الجنود بصرامة شديدة. ويقول معارضون سوريون في الخارج نقلاً عن روايات لأقاربهم إن في الحالات التي ينشر فيها جنود سوريون على الخط الأمامي فإنهم يجبرون على إطلاق الرصاص على المتظاهرين لأن الضباط المتمركزين وراءهم سيطلقون النار عليهم اذا لم يطيعوا الأوامر. ويقول احمد حسين وهو من مدينة دير الزور بشرق سورية وكان يتظاهر ضد النظام امام سفارة بلاده في العاصمة البريطانية لندن «اذا لم تقتل فسيتم قتلك». ويقول تيريل «لن تقدم على الانشقاق اذا كنت خائفاً فليست لديك فرصة كبيرة». ويقول محللون إن الواضح أن وحدات الجيش الاكثر ولاء - وهي تلك التي يقودها ماهر شقيق الرئيس السوري بما في ذلك الحرس الجمهوري واللواء الرابع المدرع - لا يمكن أن تتواجد في كل الأماكن في نفس الوقت. وتضم كل من هاتين الوحدتين نحو عشرة آلاف فرد تدعمهم الدبابات وتتحرك عادة بصحبة وحدات من الشرطة السرية والميليشيا المعروفة باسم الشبيحة. ويرى تيريل أن تحمل الجيش لأعباء اكثر من طاقته تعني أنه اضطر الى الاستعانة بوحدات في بعض المناطق ولجأ الى «ظروف وحشية» قد يتم بموجبها إعدام الجنود لعصيانهم الأوامر. ويقول طلال الميحاني وهو أكاديمي مقيم في بريطانيا يساعد جماعات المعارضة في العلاقات الخارجية إن النمط المتتابع للعمليات العسكرية ضد مجموعة من البلدات والمدن في الأسابيع القليلة الماضية يظهر أن الجيش ليس لديه ما يكفي من القوات الموالية للانتشار بنفس التوقيت في كل مكان. وقال الميحاني الذي زار دمشق في منتصف تموز «ليس لديهم ما يكفي من الجنود الموالين... وبالتالي فإننا دخلنا مرحلة مزمنة من هذا الصراع لن يحقق فيه الجيش ولا الشعب نتيجة حاسمة». وذكر افندي (34 سنة) وهو من بلدة جسر الشغور في الشمال وهو يقف مع مجموعة من نحو 12 محتجاً امام السفارة السورية في لندن يوم الإثنين إن الانشقاقات هدف رئيسي للمعارضة غير أنه متفهم للخوف الذي يعتري الجنود. وأضاف: «مسؤولو الأمن يعلمون أنهم يقتلون اخوانهم واخواتهم واولادهم بالنيابة عن النظام. حان الوقت ليقفوا هذا ويثبتوا أنهم وطنيون».