سماحة المفتي العام و"نائبه" يستقبلان المهنئين بعيد الفطر    السجل العقاري يبدأ تسجيل 208.137 عقارًا بالمنطقة الشرقية ومحافظة مرات    الرياض تحتضن النسخة الرابعة من المنتدى العالمي لإدارة المشاريع    مؤشر الأسهم السعودية ينهي تعاملاته متراجعا 7 % فاقدا أكثر من 800 نقطة    منسوبو مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيمون حفل معايدة بمناسبة عيد الفطر    "الجوازات" تصدر (15,135) قرارًا إداريًا بحق مخالفين للأنظمة    أمانة جدة تنظم حفل معايدة لمنسوبيها    المرور: الحجز والتنفيذ بعد انتهاء مهلة التخفيض    «المنافذ الجمركية» تسجل 1071 حالة ضبط    طريق عفيف - ضرية.. الخطر قادم    تتنافس على الجوائز العلمية.. 134 اختراعاً سعودياً في معرض جنيف الدولي    تحت رعاية الملك.. تكريم الفائزات بجائزة الأميرة نورة للتميُّز النسائي الأربعاء المقبل    رئاسة الشؤون الدينية تقيم حفل معايدة لمنسوبيها وتُشيد بنجاح موسم رمضان    وزير الرياضة "الفيصل" يهنئ الأخضر السعودي تحت 17 عاماً بمناسبة تأهله إلى مونديال كأس العالم 2025    "أخضر السيدات" للشابات يتعادل وديّاً مع البحرين    واشنطن.. الانقلاب على العولمة الأميركية    ذكاء تحت التهديد.. مستقبل العقل البشري في عصر الذكاء الاصطناعي    مساعد رقمي للعمل في المصانع    منصة TikTok فرعية للفنانين    هل يقرأ الذكاء الاصطناعي رسائل WhatsApp    الوجه المظلم لتغطية YouTube انخفاض المستخدمين والمبيعات في صناعة الألعاب    من اختطف الهلال؟!    الشباب يواصل انتصاراته والخليج يزيد جراح الرائد    أطفال الحارة الشعبية حكايا وأناشيد    القصّة أثر تثقف 1000 طفل    الهلال يجدد الثقة بجيسوس    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    ساعة على الهاتف تزيد من الأرق    دور غير متوقع للخلايا الميتة    أطعمة للحفاظ على صحة المفاصل    اليمن: مقتل وإصابة ستة أشخاص في قصف أميركي    انطلاق أعمال الاجتماع الثالث لوكلاء اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية في الدرعية    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    أسبوع فن الرياض.. «على مشارف الأفق»    نائب أمير الشرقية تلقى تهاني منتسبي الإمارة    أمير حائل: المرحلة المقبلة تتطلب تحقيق التحول المؤسسي والخدمي    سعود بن نهار يستقبل مهنئي العيد    إيران: عُمان وسيط المحادثات مع الولايات المتحدة    أميركا تلغي تأشيرات مواطني جنوب السودان    الشباب يتغلب على الوحدة بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    حصاد العمر المثمر كتب المصحف بخط يده    تكساس الأمريكية تسجل ثاني وفاة مرتبطة بالحصبة    إثراء تجذب 100 ألف زائر    الخليج يغرق الرائد    مستشفى الرس يُجري أول استئصال لوزتين بتقنية "الكوبليشن"    المنتخب الصيني يخسر أمام نظيره السعودي في أولى مبارياته بكأس آسيا تحت 17 عاما    أسبوع حاسم ترقب لبيانات التضخم وأسعار المستهلكين    استنكرت وأدانت استهداف الاحتلال للمدنيين العزل.. السعودية تطالب العالم بوضع حدٍ لمأساة الشعب الفلسطيني    إدارات التعليم تطبق الدوام الصيفي في المدارس.. اليوم    17 ألف طفل فلسطيني في سجل شهداء الإبادة الجماعية    للتعريف بالحِرف الوطنيّة الأصيلة.. إطلاق مبادرة لوحات «وِرث السعودية» على الطرق السريعة    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    بلدية الدمام تعايد مسؤولو ومرضى مستشفى الملك فهد بالدمام    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«فشخرة» و«كشخة» كذابة!
نشر في الحياة يوم 01 - 08 - 2011

استعرت العنوان أعلاه من أفواه الخليجيين، والسعوديين خصوصاً، فهو يقال عند زيادة البذخ والإسراف والتبذير والتمظهر الكاذب الذي يلجأ إليه بعض الناس و«محدثو النعمة». في مثل هذا الوقت من صيف العام الماضي كتبت مقالة ساخرة وشاخرة عن «الفشخرة الخليجية» في العواصم الأوروبية، لندن وباريس وجنيف، لافتاً إلى أن استمرار ذلك الابتذال والفشخرة واستمراءهما يتحولان إلى مشكلة كبيرة ومكلفة، لكونهما لا يعكسان الواقع الاجتماعي والمادي الصحيح للشعوب الخليجية، وموضحاً أن انتشار ظاهرة «التمظهر» بلا مبرر إلا من أجل التفاخر والمباهاة والتقليد الأعمى للبعض لا يعبّر عن حقيقة المجتمعات الخليجية وطبيعتها وبساطتها، وربما يخبئ في نفوس «المتفشخرين» شخصيات مركبة ومريضة، وهو ما يتطلب من المؤسسات المعنية في الدول الخليجية زيادة جرعات الوعي السياحي والتثقيف الاجتماعي، لإبعاد هؤلاء «المتسيحين - المتفشخرين» عن الخداع النفسي والإسراف والاستهتار وادّعاء الغنى، ما يعطي صورة مشوّهة عن المجتمعات الخليجية خارجياً. الزميل أحمد الفهيد، كتب الأسبوع قبل الماضي تقريراً ساخناً عن السياح الخليجيين في لندن، وكأنه يريد تذكيرهم بمناخ عواصم بلدانهم الحارة جداً. ذكر الزميل الفهيد أن السعوديين حين يضربون في الأرض سفراً، لا يتركون عاداتهم، إنما يحملونها معهم في حقائبهم، يذهبون بطباعهم وأمزجتهم وحساسياتهم نفسها، ولا يخلعون منها مقدار «جورب»، يحولون الشارع العربي «إدجوار رود»، إلى بقعة «خليجية» خالصة، ويلبسون ساعات «ثمينة» وتتصدر قمصانهم علامات تجارية باهظة، وتحمل نساؤهم على أكتافهن حقائب يستدعي حملها دفع مال وفير. ويضيف: «سيماهم في وجوههم وفي ملابسهم وفي أيديهم التي لا تخلو عادة من هاتفين نقالين، وأما أطفالهم ففي ذمة الخادمات وفي ذلك فليتنافس المتنافسون». لكن نسي الزميل الفهيد أيضاً أن هؤلاء ينقلون سياراتهم بأرقامها المميزة على متون الطائرات من عاصمة إلى أخرى، ويصطحبون خادماتهم، وكل ذلك تحت مسمى «تغيير جو». خلال السنوات الأخيرة، الظروف الاقتصادية في بريطانيا وأميركا وبعض دول أوروبا «صعبة»، فبعض الناس فقدوا أعمالهم، وهناك موجات تسريح لموظفين من البنوك والمؤسسات الإعلامية والتجارية. لا تزال بريطانيا تعاني من ركود مالي وانكماش اقتصادي، ولا تزال الأزمة المالية تؤثر في حياة الناس الاقتصادية والاجتماعية، لكن بعض الخليجيين سواء من الدارسين أو السائحين أو الزائرين «يتفشخرون» ويبالغون في ذلك، ما يجعل البريطاني أو الأوروبي ينظر إلى تلك التصرفات باستهجان واستغراب ويعرب عن حنقه على من لا يحترم أحاسيس الآخرين.
في أحد الأيام دعوت ثلاثة أصدقاء احدهم سعودي يدرس في جامعة بريطانية لارتشاف القهوة في مقهى متواضع في وسط لندن، وحضر الأصدقاء وكان احدهم مضى على وجوده في بريطانيا نحو أربع سنوات، وعندما طلبت الفاتورة من عامل «الكوفي» لدفعها كان المبلغ 14 جنيهاً استرلينياً (باوند)، فوضعت 20 باونداً للعامل، على أن يعيد المتبقي من المبلغ، إلا أنه أعاد خمسة جنيهات فقط، فسألته باستغراب: لماذا لا تعيد المبلغ المتبقي كاملاً أي ستة جنيهات؟ أظهر تأففاً وعدم رضا من سؤالي عن المتبقي، ذهب وأتى بالجنيه «القضية»، لكنه لم يتأسف أو يعتذر أو يذكر أي مبرر لتصرفه، علماً بأن القانون البريطاني يعتبر ذلك «غير مشروع»، حينها قفز ذلك الصديق (الدارس لا السائح) بسؤال يظهر مدى ثقافته، وسألني لماذا أسأله عن الباوند المتبقي؟ ودار بيننا جدل «بيزنطي»، فحاولت أن أشرح له أن المشكلة ليست في الجنيه، لكن المبدأ والنظام. في نهاية الأمر تركت «الباوند» للمحل وليس للعامل «المستهتر» بالقوانين البريطانية التي تلزم إعادة المبلغ كاملاً. للأسف كانت سحنة ذلك النادل تبدو عربية وتحديداً من شمال أفريقيا وهو ما تأكد لاحقاً، لكن ما لفتني أن في نظراته أسئلة كثيرة ومأزومة، وهذا ربما ما جعله يتصرف بلا مبالاة انطلاقاً من تعامل بعض الخليجيين الذين يكسرون الأنظمة ولا يكترثون بالمتبقي من مالهم لدواعي «الفشخرة» والمفاخرة، حتى انعكس تصرفهم على هذا العامل، وجعله يتعامل مع الآخرين وفق هواه ورغباته. الأكيد أن الثقافة والأنظمة البريطانية لا تقبل مثل هذه التصرفات التي لا تعبر عن تقاليد بلادهم العريقة، وطريقة معيشة أهلها فهم من يعيدون «البنس» الواحد وليس الباوند الذي يساوي سعر صرفه في مقابل الريال ستة ريالات. حاولت إفهام صديقي وتذكيره بأنه يدرس في إنكلترا ويجب أن يكون ملماً بثقافتها وقوانينها، وعليه مراعاة الأنظمة لا تهشيمها وتهميشها، لكنه على ما يبدو ممن يحبذون «بعثرة» ثقافات المجتمعات، وممن لا يكترثون بمن يحاول التدليس بذريعة «النسيان» أو التكسب بالنصب على السياح.
الأكيد أن منسوب «الفشخرة» الخليجية في شوارع العواصم الأوروبية لا ينخفض بل يزيد من عام إلى عام، حتى إن «المتفشخرين» باتوا يمشون وكأن على رؤوسهم الطير، و«يتخشبون» في ملابس من أغلى الماركات العالمية تفوح منها روائح العود والعطور الباريسية... لكنني أخشى أن بعضهم يقضي صيفاً مليئاً بالفشخرة و«الكشخة» الكذابة على حساب الآخرين، وعندما يعود إلى بلاده يجد «الحسابة تحسب»، والديون متراكمة، وليس من حل أمامه إلا الهروب أو السعي لاستخراج «صك إعسار!». ورمضان كريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.