غداً نستقبل الشهر الكريم بأيامه الجميلة ولياليه الدافئة وموائده العامرة بالخيرات التي انشغل بها الجميع على رغم أنه شهر الصيام، ولا أعلم لماذا انقلب فعلاً ليكون شهر الطعام وليس شهر الصيام. وعلى رغم أن الانتقاد نالني أيضاً من زوجي الحبيب، كوني انهمكت طيلة الأسبوع الماضي وعطلة نهاية الأسبوع في تحضير الأكلات المرغوبة وتجميدها، ولم يشفع لي مبرري الوحيد أني امرأة عاملة وأعود من عملي الساعة الرابعة عصراً، ولا أتمكن فعلاً من التحضير في هذا الوقت القصير جداً الذي لا يعدو 3 ساعات أو ربما أقل، ولاعذري الآخر أن أسرتي الصغيرة لا تتذكر ماذا تريد إلا قبل الأذان بقليل، على رغم سؤالي المتكرر لهم، ماذا تريدون أن أعد لكم من أطعمة؟ فأفاجأ بأنهم لا يريدون شيئاً سوى السمبوسك والشوربة وطبق الفول الملازم للمائدة، والذي يرفضون جلبه من السوق، بل يحبذونه مثلي منزلياً خالصاً من الألف إلى الياء. ولكنهم فجأة وأثناء تحضيري السفرة في اللحظات الأخيرة يطالبونني بإعداد أطعمة معقدة، وتحتاج للتجهيز مثل الشيشبرك وغيرها. لا شيء يزعج الزوجات إلا دخول الأزواج في اللحظات الأخيرة إلى المطبخ، وأكثر الخلافات الزوجية تحدث في رمضان قبل الأذان مباشرة لعدم التنظيم وعدم الإعداد المسبق. ولا شيء يزعج الأزواج سوى تجاهل رغباتهم في الأطعمة، ولأن الزوجات يصممن أحياناً على الطبخ بطريقة والدتها وصديقاتها وبحسب ذوقها الشخصي وليس كما يحب الزوج. ولا شيء أجمل من الصراحة والوضوح المزين بالذوق.. فعندما تسأل الزوجة زوجها عن مدى رضاه على حشوة السمبوسك مثلاً، يجب أن يكون الزوج واضحاً، كأن يقول لها: «تسلم يديك بس البصل زايد شويه، وإنتي عارفه يا قمري ورانا صلاة التروايح، ياريت تقللي منه بكرة، أو ياريت ما نحط ثوم في الفول، إيش رأيك مع إنه طعمه روعة من يديك الحلوة». ويا حبذا أن تراعي الزوجات، المغريات الكثيرة حول الزوج، بدءاً من البرامج اليومية الرائعة التي تشرح كيفية طبخ الأكلة الفلانية التي يحبها في رمضان، وتحبها بطوننا وتشتهيها أعيينا. ويا حبذا أن يراعي الأزواج أن هناك أكلات لا تطبخ بالإشعاع، وتحتاج لتحضير مسبق، ولا سيما لو كانت الزوجات منظمات ويحببن أن يبدو المطبخ والذي أسميه في رمضان أرض المعارك في أبهى حُله. كل عام وأنتم بخير، وكل عام ونحن نعيش في أمان واطمئنان وسعادة كل عام، ومساجدنا عامرة بالإيمان وأتمنى أن يكون هذا الرمضان مختلفاً عن كل السنوات الماضية التي خلت، والتي كنا نتضرر من روائح بعض المصليات وبعض المصلين وإزعاج أطفالهم، وبعثرة أحذيتهم عند أبواب المسجد بصورة لا تليق بمسلمين.. يارب يأتي رمضان هذه السنة ونحن نعلم يقيناً أننا جميعاً نمثل الدين بحسن هندامنا وببساطته، ومناسبته للصلاة في المسجد. يارب يأتي علينا رمضان هذا العام ونحن نحسن إلى المصلين والمصليات بحسن رائحتنا وتأدبنا ومراعاة الآخر حتى في الصلاة، يارب يأتي رمضان ونحن نحسن تربيتنا لأطفالنا بشرح آداب المسجد لهم وبعدم الصراخ، على رغم أني أطالب أن تكون هناك غرفة خاصة كحضانة تابعة لكل مسجد، فنحن لا نريد ولا نحبذ ترك الأطفال في البيوت بمفردهم، ولا نريدهم أيضاً أن يعيثوا في المسجد بصراخهم وتكسيرهم ولعبهم بالحقائب والأحذية. كل عام وأنتم بخير، اللهم أعده علينا أعواماً كثيرة وأزمنة مديدة، واحم بلادنا الآمنة من كل شر يحيط بها، واحفظ أولادنا وبناتنا وشباننا وأزواجنا المتطلبين، وأجعل المطابخ آخر همهم يارب العالمين، وأهلا رمضان. [email protected]