يضفي الفوتوغرافي اليمني محمد السياغي على الصورة طابعاً جمالياً لكنه يعي تماماً أهمية أن تأتي الصورة الصحافية معبّرة في شكل يمحو الكلمات. يقول السياغي ل «الحياة» إن التصوير بات هاجساً يطارده في صحوه ومنامه، «دائماً تجدني مشغولاً بمشروع الصورة، الصورة التي لم ألتقطها بعد، فيما يبدو العالم من حولي مشروعاً رؤيوياً كبيراً يستحق أن يروى ويقرأه الآخرون». ويضيف: «كل ما أراه التقطه، إن لم يكن بالكاميرا فبعيني»، موضحاً أن المصور دون سواه بيده القدرة على بذل الروح في الصور عبر التقاطها وتسجيلها بموهبة، كما باستطاعته قتلها إذا تركها تموت، مثلها مثل ملايين الصور التي تموت في حياتنا». وبحسب السياغي، الذي أطلق أخيراً الموقع الإلكتروني «عدسة اليمن»، المتخصص في الخدمات المصورة، فإن الأخطار والمعوقات التي تواجه عمل المصور تفوق تلك التي تواجه المحرر الصحافي برأيه، مشيراً إلى أن وظيفة المصور الصحافي في اليمن لا تزال من المهن المهمشة، مرجعاً ذلك إلى غياب ثقافة الصورة وتَلاقي الصحافة المحلية بشقيها الرسمي وغير الرسمي على عدم تقدير قيمة الصورة. ويقول السياغي إن الصحافة اليمنية تؤمن بمختلف الفنون الصحافية لكنها تهمل فن الصورة. ويعتبر أن ما تنشره الصحف من صور هو لملء المساحة الفارغة، مؤكداً أن غالبية المادة الصحافية الموجودة على الساحة هي صحافة رأي لا تهتم كثيراً بالصورة، علماً بأن الصورة يمكنها أن تكون موقفاً بحد ذاتها من دون أن تحتاج إلى أي كلام. ويتضاعف ذلك مع ضعف وعي القائمين على هذه الصحف: «ثمة صحف محلية تصنف نفسها من بين الأكثر انتشاراً، لكن تجهيزاتها الفنية تخلو من كاميرا أو مصور صحافي متخصص»، على حد قوله. ويلفت إلى مفارقة في النظرة إلى عمل المصور، فالقائمون على الصحف والمسؤولون الحكوميون ينظرون إلى المصور الصحافي بفوقية، في حين أن المواطن العادي لا يصدق بأنك صحافي ما لم تحمل كاميرا». ويرى أن خطورة مهنة المصور تكمن في كونه يعمل في قلب الحدث، على عكس المحرر الذي يمكن أن يضعك في صورة الحدث عبر التواصل بالهاتف مع المصادر. ويقول: «بالنسبة الى اليمن قد يبدو عادياً أن تطل على أحدهم حاملاً «كلاشنكوف» أو مسدساً، أما أن تطل عليه بعدسة كاميرا، فهذا يبعث على الخوف، ويثير القلق، ويفرض التعامل معك بحذر، فضلاً عن إخضاعك إلى اختبارات أمنية واختبارات نوايا وغيره»، موضحاً أن القاعدة العامة التي يجري التعامل بها مع المصور تعكسها العبارة الشائعة: «يا كاميرا ممنوع التصوير». يحدث هذا بسبب أو من دون سبب، ما يُقيّد حركة المصور. ويشدد على ندرة الصورة الصحافية التي يمكن أن تحرك الرأي العام وتؤدي إلى الضغط على صناع القرار، لأن غياب ثقافة الصورة باتت تؤثر في مجتمع المصورين أنفسهم! وعن سبب غياب المصور المغامر، الذي يقحم نفسه في الأخطار، يوضح السياغي: «السبب هو العمل في ظل القيود الاجتماعية والعقائدية والأمنية، والنظرة القاصرة إلى الصورة، فضلاً عن قلة المصورين المتخصصين، وثمة أيضاً الخطر الذي يمكن أن يواجه المصوّر في ظل عدم تفاعل مؤسسته الصحافية وتجاوبها معه أو تبنيها إياه أو دفاعها عنه». ويتذكر السياغي، الذي درس الصحافة أيضاً، أن شهرته كمصور فاقت شهرته كمحرر. ويخبر أنه منذ صغره كان يحتفظ بالصور التي يلتقطها ليعود إليها كلما شعر بالحنين، موضحاً أن شغله في منصب مدير إدارة الخدمات المصورة في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) منحه الحافز على المواصلة والاستمرار في التصوير ويشجعه دائماً على العمل لتطوير تجربته الذاتية وإشاعة ثقافة الصورة... ولو في الأوساط الإعلامية والفوتوغرافية من حوله على الأقل.