تصلبت اوكرانيا الخميس في موقفها في اختبار القوة التي تخوضه مع روسيا بشأن امدادات الغاز، متمسكة برفضها العرض الذي قدمته موسكو لتخفيض سعر الغاز، ما يهدد بقطه وفقاً لسيناريو يثير مخاوف لدى الاوروبيين. وانتهت جولة اخرى من المحادثات التي تجري برعاية الاتحاد الاوروبي في بروكسل الاربعاء الى فشل، بعدما وصفت اوكرانيا عرض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بخفض اسعار الغاز لاكثر من 20 في المئة بانه "فخ". واندلعت ثالث "حرب حول الغاز" بين اوكرانياوروسيا في اقل من عقد، حين ضاعفت موسكو تقريباً سعر الغاز التي تبيعه لكييف بعد اطاحة الرئيس الاوكراني المدعوم من روسيا فيكتور يانوكوفيتش في شباط (فبراير). وسيعزز التوصل الى حل قبل مهلة 16 حزيران (يونيو) التي حددتها "غازبروم" لاوكرانيا حول تسديد ديونها المستحقة في قطاع الغاز، هود الرئيس الاوكراني الجديد بترو بوروشنكو لاصلاح العلاقات مع موسكو وحل مسالة التمرد الموالي لروسيا في شرق البلاد الذي اوقع 270 قتيلاً، إذ لمّح الاربعاء إلى انه مستعد للقاء قادة انفصاليين القوا سلاحهم. واعلن مكتب بوروشنكو على موقعه الالكتروني، ان "رئيس الدولة لا يستبعد تنظيم طاولة مستديرة بحضور مختلف اطراف النزاع الذين يدعمون مبادرة الرئيس للسلام". لكن المتمردين لم يرسلوا اي اشارة على رغبتهم في التخلي عن مشروع اخضاع منطقتهم الحيوية اقتصادياً في الشرق، والتي تضم سبعة ملايين نسمة من الناطقين بالروسية، لسيطرة الكرملين. وتتلقى اوكرانيا نصف امدادات غازها من روسيا، وتنقل عبر اراضيها 15 في المئة من الغاز المستهلك في اوروبا. وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري مدفيديف، إن الحسومات على المدى الطويل التي عرضتها موسكو هي بادرة حسن نية، تهدف الى مساعدة اوكرانيا خلال اسوأ ازمة تشهدها منذ استقلالها عن الاتحاد السوفياتي السابق. وكتب مدفيديف على صفحته على فيسبوك "سنقوم بهذا الامر من اجل مساعدة جيراننا الذين يشهد اقتصادهم اوقاتا صعبة". لكن قادة كييف رفضوا الرضوخ لضغط موسكو وطموح بوتين بتحويل اوكرانيا الى جزء من كتلة اقتصادية جديدة للجمهوريات السوفياتية السابقة. وتصر كييف على رفض مقترح روسي بخفض السعر بمئة دولار، ليصبح 385 دولاراً للألف متر مكعب من الغاز. واكد بوتين ان "هذا هو السعر الاخير"، وقال "نرى ان مقترحاتنا هي مقترحات شركاء يريدون دعم الاقتصاد الاوكراني في الاوقات الصعبة"، مضيفاً ان "اذا رفض عرضنا سننتقل الى مرحلة مختلفة تماماً ولن يكون ذلك خيارنا، لا نرغب في ذلك". ومددت "غازبروم" الاربعاء حتى 16 حزيران (يونيو) مهلتها لاوكرانيا حول تسديد ديونها حول الغاز، مع امكانية اعتماد نظام الدفع المسبق الذي يمكن ان يؤدي الى قطع الامدادات. واعتبرت اوكرانيا العرض الروسي "مرتفع جداً"، مقارنة بسعر 268 دولاراً الذي كان معتمداً قبل الازمة الاوكرانية الروسية، ولا ينطوي على ضمان لانه جاء بقرار خفض حكومي وليس بناء على اتفاق تجاري رسمي. وقال محللون ان اوكرانيا لديها ما يكفي من الغاز في المخزون حتى مطلع الخريف، وستواجه المزيد من الصعوبات اقتصادية في حال تخلت روسيا عن المفاوضات وسمحت بوصول القضية الى محكمة تحكيم اوروبية. ويشدد مفوض الطاقة الاوروبي غونتر اوتينغر الذي يشرف على المحادثات على ان اوكرانيا يجب ان تواصل دفع ديونها التي تقدرها روسيا بحوالى 3.3 بليون يورو، فيما تتواصل المفاوضات. وقال انه يتوقع ان يحل الخلاف الان من قبل بوتين وبوروشنكو. لكن يبدو ان موسكو وكييف لا تعتزمان حالياً القيام بمثل هذه الاتصالات. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الخميس ان موسكو تخوض اساساً محادثات مكثفة مع كييف. وقال لافروف رداً على اسئلة الصحافيين حول تعليقات اوتينغر "لا اعرف ما يعنيه". من جانب اخر، اتهم مسؤول كبير في وزارة الخارجية الروسية الخميس السلطات الاوكرانية باستخدام اسلحة "محظورة" في شرق البلاد، وذلك بعد ان اوردت وسائل اعلام رسمية روسية انه تم استخدام قنابل حارقة. ونفى الحرس الوطني الاوكراني ذلك على الفور، معتبراً الاتهامات "لا معنى لها". وكتب المكلف حقوق الانسان في وزارة الخارجية على "تويتر" كوستانتين دولغوف، ان "القوات الاوكرانية والنازيون الجدد يستخدمون اسلحة محظورة ضد سكان سلافيانسك ويطلقون النار على المدنيين خلال فرارهم ويقتلون اطفالا". واعلن لافروف ايضاً ان موسكو طلبت اجراء تحقيق في هذا الامر. من جهة اخرى أدى انفجار عرض في منجم في منطقة دونيتسك شرق اوكرانيا الى اعتبار تسعة عمال في عداد المفقودين الخميس.