قرابة الساعة الحادية عشرة قبل ظهر أمس سارت سيارة صغيرة سوداء من نوع «تويوتا» وراء سيارة أخرى تقل أحمد عثمان إنجي، مسؤول الأمن في مدينة بلدوين، خلال عبورها بوابة «فندق المدينة» الواقع في وسطها. وما أن وصلت سيارة ال «تويوتا» إلى مرآب الفندق حتى ضغط سائقها زراً فجّر عبوة ناسفة تحملها. وفي لحظة، مزّق انفجار ضخم الفندق المكوّن من ثلاث طبقات والذي يشغل غرفه التي تكلّف 30 دولاراً في الليلة موظفون حكوميون في شكل شبه حصري. عندما زال غبار الانفجار، كان وزير الأمن الوطني عمر حاشي آدم وسفير الصومال في جنوب افريقيا عبدالكريم فرح لقانيو (وهو أيضاً سفير سابق لدى إثيوبيا) من بين 27 شخصاً أعلن مسؤولو مستشفى المدينة مقتلهم. ويقع المستشفى خلف الفندق مباشرة. وتشعر «حركة الشباب المجاهدين» التي تبنّت الهجوم بأنها حققت انتصاراً مهماً أمس، كونها «استبقت» وزير الأمن القومي الذي كان يخطط من بلدوين لهجوم ضخم تشنه القوات الموالية للحكومة على مواقع المتمردين الإسلاميين. وربما يكون نجاح «الشباب» في الوصول إلى الوزير أكبر ضربة توجهها الحركة إلى حكومة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد منذ توليها السلطة في كانون الثاني (يناير) الماضي. وقبل يوم واحد من مقتل الوزير عمر حاشي، خسر الرئيس أحمد شخصية مهمة أخرى من حلفائه عندما سقط رئيس شرطة مقديشو في معركة مع المتمردين في العاصمة. وكان حاشي أعلن الإثنين للخدمة الصومالية في إذاعة «صوت أميركا» إنه موجود في بلدوين منذ أسابيع بهدف تكوين جيش قوي في إقليمي هيران وغلغادود (في وسط الصومال) وأقاليم باي وباكول وغيدو (في جنوب البلاد، غرب مقديشو). وقال: «إنني واثق من أننا سنجمع جيشاً كافياً لهذه الأقاليم ... وعندما يصبح هذا الجيش جاهزاً، ستصدر أوامر إليه بالقيام بواجبه (تجاه الصومال)»، مضيفاً أن القوات الحكومية وقوات «أهل السنة والجماعة» ستعمل معاً من الآن فصاعداً «كأنها جيش واحد من أجل هزيمة العناصر المعارضة للسلام». وأقر الوزير في المقابلة بوجود قوات إثيوبية في الصومال، لكنه قال إنها موجودة فقط في بلدات حدودية ل «أسباب أمنية» لأن القوات الصومالية الحكومية ليس لديها القدرة على مراقبة الحدود. وكان الوزير الراحل كولونيلاً في الحكومة المركزية الأخيرة في الصومال وجزءاً من مجموعة من البرلمانيين لجأت إلى أسمرا (اريتريا) بعدما اجتاحت القوات الإثيوبية البلاد في أواخر العام 2006 لإطاحة نظام «المحاكم الإسلامية». وشغل في أسمرا منصب وزير الدفاع في الحركة التي شكلتها المعارضة الصومالية باسم «التحالف من أجل إعادة تحرير الصومال». ولعشيرته نفوذ واسع في إقليم هيران. وقال علي سعيد عمر مدير «مركز السلم والديموقراطية» (مركز ابحاث صومالي) في اتصال مع «الحياة»: «جاءت وفاة حاشي عمر في وقت حرج للحكومة». وأضاف: «لم يكن يوماً ملائماً لأن تخسر الحكومة شخصاً مثل عمر. ستحتاج الحكومة إلى وقت لملء الفراغ الذي يخلّفه غيابه والحصول على الشخص المناسب للحلول محله».