تفاجأ كثر في ألمانيا من رفع شبان في بلدان عربية، خلال الربيع العربي، أيديهم إلى الأمام، كما كان يفعل مؤيدو الزعيم الألماني أدولف هتلر، في إشارة منهم إلى الولاء والبقاء على العهد، في فترة الحرب العالمية الثانية وما قبلها بقليل، وباعتبار أن هذه الإشارات لا تعني في ألمانيا إلا رمزاً للديكتاتور والنظام الاستبدادي والحروب الدموية، علماً أن استخدام إشارات النازية، يعتبر مخالفة جنائية يعاقب عليها القانون الألماني بموجب الدستور. رموز عالمية إن عودة ظهور الإشارات والرموز الخاصة بالحزب النازي سواء في ألمانيا أو في أوروبا أو في أي مكان من العالم، يشكّل رعباً حقيقاً، بالنسبة إلى أكثرية المجتمع الألماني. فهي تنذر ولو من بعيد، بعودة زمن أنتهى وفكر أذاق ألمانيا مرارة الحرب، ووضع مزرٍ لا يريد أحد أن يتكرر. ولعل أشهر هذه الإشارات هي 88 التي تشير إلى هتلر المقدّس، والذي أستخدمته شركة إنكليزية أخيراً على منتج للتنظيف، وادعت عدم معرفتها بخطورة هذه الإشارة ومعانيها وأنها من ضمن الإشارات النازية المحرّمة. لكن استخدامها أثار غضباً كبيراً في أوساط الألمانية، وكذلك المستهليكن، خصوصاً أنها طبعت رقم 88، على قميص نجم كرة قدم عالمي وألصقته على كيس مسحوق الغسيل، ما جعل الرمز يتخذ طابعاً واسعاً. يخشى ما يخشاه الناشطون ضد النازية، أن تستخدم هذه الإشارات من دون معرفة مسبقة بمعانيها، أو بطريقة مخفية، من قبل مؤيدي النازيين. الظاهرة التي بدأت تننشر في ألمانيا، حيث يتم التحايل أحياناً في رسم أو كتابة هذه الرموز لضمان عدم الملاحقة القانوينة، ويمكن العثور عليها في الملصقات، ملاعب كرة القدم، على جدران المنازل أو مخبئة في لوحة الرقم الخاص بالسيارة، إذ يؤكد موقع إلكتروني متخصص بالتعريف بهذه الإشارات وتاريخها والعقوبات القانوينة الناجمة عن استخدامها، أن الرموز اليمينية المتطرفة والتسميات النازية تظهر في حياتنا اليومية أكثر مما نعتقد. وينبّه الموقع إلى ضرورة تحرّك المجتمع بأكمله لعدم نشر هذه الرموز والحدّ من استخدامها، كأن ينبّه الأصدقاء بعضهم بعضاً إلى الرموز المكتوبة على ملابسهم أو على جدران ملاعبهم ليتخلصوا منها. وعلى الأهل مراقبة أولادهم الأصغر سناً، ومعرفة ما يتخذونه من رموز في حياتهم العادية وما يسمعون من موسيقى، وبعدما ارتبط أيضاً التشجيع على الفكر النازي باستخدام موسيقى صاخبة. في المقابل ووفق رأي كثر، لا يعني أن كل من يستخدم رموزاً يمينية متطرفة ينتمي فكرياً إلى النازية، فأحياناً يكون استخدامها من دون تفكير أو خلفية محددة وغالباً لغايات استفزازية، من قبل شباب طائش لا يقدّر خطورة تصرفاته. معاني الإشارات إن مجموعة الأحرف التي كانت تستخدم من قبل النازية، هي أحرف وشيفرات أصبحت في ما بعد معروفة عالمياً وليس فقط في ألمانيا. فقد استخدمها الحزب النازي، خصوصاً في المراسلات خلال الحرب العالمية الثانية، لئلا يُكتشف مضمون ما يكتب، ومنها: 88، إذ يعني الرقم 8 الحرف H باللغة الألمانية، وتكراره مرتين في المراسلات السرية كان يعنيHeil Hitler، أي هتلر المقدّس أو العظيم. ومن الأرقام الأكثر أهمية في المشهد النازي التي تعود لتظهر بأشكال وأماكن مختلفة، حتى لم تسلم تسريحات الشعر منها أو الوشم على الجسد، فهي: 14-18-28، التي تتعتمد الإستراتيجية ذاتها في التشفير. الرقم يعني حرف، يحيا هتلر، النصر والخلاص لألمانيا، الرايخ الثالث، شعب واحد، أمبراطورية واحدة، قائد أحد. وهذه من الشعارات النازية الأكثر شهرة كونها تعزز الإحساس بالانتماء للمجتمع وتحديد قيمة الفرد من خلال انتمائه للحزب النازي. الدم والشرف هو الشعار المرحّب به من قبل منظمة الشباب النازيين، وكذلك الشعار الذي يعود إلى هتلر نفسه وهو لنا الشرف والولاء. وليست إشارات الحزب النازي ورموزه كلها إشارات تخص هتلر فقط، فكثير منها يشملها القانون الجنائي في ألمانيا. كما أن ظهورها مجدداً، يثير حفيظة الأجانب واللاجئين والمهاجرين ومخاوفهم، حيث أن الفكر النازي حمل في طياته عدائية كبيرة للأجانب مكرّساً مفهوم صفاء العرق الألماني وتفضيله على الأخرين.