قوبل اقرار قمة بروكسيل خطة تساعد اليونان على الوفاء بالتزاماتها إزاء الجهات الدائنة وخفض دينها 26 بليون يورو بحلول عام 2014، بترحيب من الأسواق المالية والجهات المعنية، إذ سرعان ما سجّل اليورو ارتفاعاً كبيراً أمام الدولار، وانتعشت الأسهم الأوروبية والآسيوية. وقال وزير المال اليوناني ايفانجيلوس فينيزيلوس: «الخطة توفر بعض الارتياح لليونان لكن لا يمكن التراخي في جهود الإصلاح المالي والاقتصادي». وأضاف: «بالأمس... قررت منطقة اليورو ان تعطي رداً واضحاً للاسواق وتلقي الضوء على نظام متكامل للإجراءات الوقائية... هناك حال من الارتياح بالنسبة للاقتصاد اليوناني ستنتقل تدريجاً الى الاقتصاد الحقيقي. لكن لا سبيل على الإطلاق لأن يؤدي ذلك إلى تخفيف جهودنا». ورحبت الصحف الصادرة صباح أمس بتبني الخطة، معتبرة انها «سترة نجاة» لليونان. وعنونت صحيفة «تانيا» الحكومية: «خطة مارشال جديدة لليونان، بارقة أمل». وجاء في افتتاحيتها: «على رغم التأخر الكبير، قدمت اوروبا حلاً شجاعاً يبعد خطر تخلف اليونان عن التسديد ويحمي اليورو في الوقت ذاته». ورأت صحيفة «اثنوس» (يسار الوسط) أنها «خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح لكن تطبيق الخطة سيكون صعباً وقاسياً ويتطلب ضمانات مهمة من اليونان». واعتبرت صحيفة «ايليفثيروتيبيا» اليسارية أن اليونان ستجتاز «نفقاً لمدة ثلاثين سنة» وستخضع «لرقابة دولية مع خطر تخلفها عن دفع مستحقات جزئياً». وأشارت الى ان «خطر عدوى الازمة لم يبعد»، لكن «القرارات ترتدي اهمية كبيرة» لليونان. وتساءلت: «هل تسمح هذه القرارات بحل الازمة ام ستؤدي الى اطالتها؟». ورأت ان «اصرار ألمانيا على اشراك القطاع الخاص سيكون له ثمن كبير وستدفع اليونان فوائد كبيرة». وفي المواقف، رحب وزير الاقتصاد الألماني فيليب رويسلر بنتائج القمة. لكن قال: «من المهم ان تعمل آلية الانقاذ المالي في حدود ضيقة في السوق الثانوية». وأضاف في بيان صحافي نشره حزبه المشارك في الائتلاف الحاكم في حكومة مركل: «من المهم الا تكون مشتريات السوق الثانوية (من آلية الانقاذ المالي الأوروبية) ممكنة إلا في حدود ضيقة». وأضاف: «جعل الآلية أكثر مرونة مسار مبرر». وفي طوكيو، أعلن وزير المال الياباني يوشيهيدو نودا أمس، ان بلده «مستعد لشراء مزيد من السندات من الصندوق الاوروبي للاستقرار المالي اذا احتاج الامر». وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا فيون ان الخطة ستؤدي «كنتيجة غير مباشرة» الى زيادة ديون فرنسا بنحو 15 بليون يورو حتى عام 2014. وفي واشنطن، أعلن «معهد المال الدولي» أن مصارف وشركات تأمين دائنة لليونان وعدت بالمساهمة في خطة انقاذ جديدة لليونان بمبلغ قدره 54 بليون يورو على مدى ثلاث سنوات، و135 بليون يورو على مدى عشر سنوات. ونشر لائحة باسماء 30 مؤسسة مالية ترغب بالمشاركة في عملية التمويل هذه، هي 22 من الاتحاد الاوروبي وثلاث سويسرية وواحدة كندية وواحدة كويتة وواحدة بيروفية وواحدة كورية جنوبية والاخيرة تركية. القمة الأوروبية وكانت القمة الأوروبية أقرت ليل أول من أمس، خطة مالية جديدة بقيمة 158 بليون يورو لإنقاذ اليونان واحتواء أزمة الديون السيادية. وفي سابقة تؤكد ضائقة حكومات دول منطقة يورو، أكد قادتها في الاجتماع الاستثنائي أن القطاع الخاص سيشارك في تخفيف ثقل الديون. ويمثل دور المصارف الخاصة وتمديد آجال الديون إقراراً بتأخر اليونان عن الدفع. وأشار رئيس المجلس هيرمان فان رومبوي الى إن الاتفاق الذي توصلت اليه القمة بعد عشر ساعات من المفاوضات «سيمكن اليونان من إدارة الدين العام ويحول دون عدوى الأزمة ويعزز من جهة أخرى استقرار منطقة يورو». ورأى رئيس المفوضية أن «الأوساط السياسية وأوساط المال تعمل معاً للمرة الأولى، وأنجزت صفقة هائلة». وتتضمن الصفقة 109 بلايين يورو يقدمها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد، و37 مليوناً من المصارف ومؤسسات التأمين والصناديق الخاصة. كما سيتم شراء 12 بليوناً من ديون اليونان من قبل دول اليورو من خلال آلية الاستقرار المالي الأوروبية. وأكد بيان القمة حول مشاركة القطاع الخاص، أن «وضع اليونان يقتضي جهداً استثنائياً وحلاً فريداً»، مشيراً إلى أن «كل دول اليورو أعلنت رسمياً تصميمها الكامل للوفاء بالتزاماتها إزاء الديون السيادية لكل منها وكذلك الالتزام بالتنفيذ الكامل لبرامج الاصلاحات الهيلكية وأنظمة الضريبة». وقال رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو في مؤتمر صحافي في ختام القمة: «خفض الدين سيبلغ نحو 26 بليون يورو» بحلول نهاية 2014»، تمثل 12 في المئة من الناتج. وأضاف: «هذا سيسمح لليونان بالوصول الى الاسواق في شكل أبكر» مما كان متوقعاً حتى الان للاقتراض بنفسها، وهو امر ممنوع عليها اليوم... ما يعطي دفعاً لليونان ولمنطقة اليورو». وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ان زعماء منطقة اليورو المكونة من 17 دولة اتفقوا على تخفيف شروط الإقراض لليونان وإرلندا والبرتغال، وان مستثمرين من القطاع الخاص سيقومون في الوقت ذاته تلقائياً بمبادلة ما لديهم من سندات يونانية بسندات أطول أجلاً بأسعار فائدة اقل لمساعدة أثينا. وسيشارك صندوق النقد الدولي في توفير قروض الخطة الثانية إذ شاركت مديرته العامة كريستين لاغارد في القمة، وقالت في بيان: «استناداً الى تطبيق صارم للبرنامج الذي أقرّته السلطات اليونانية وللتصميم الذي أبدته الدول الاعضاء في دعم اليونان، فإن صندوق النقد الدولي سيواصل القيام بدوره طبقاً لممارساته وبالطبع بشرط مصادقة مجلس ادارتنا». وأكد رئيس المصرف المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه ان الخطة التي اقرها قادة منطقة اليورو لانقاذ اليونان بمساهمة من القطاع الخاص، لن تتسبب بما يصنف في لغة المال ب «حادث ائتماني» أي الوقوع في حال تخلف عن التسديد، ما يتيح للدائنين الافادة من عقود التأمين على قروضهم. وفي المقابل، لم يستبعد تريشيه امكان أن تعتبر وكالات التصنيف الائتماني، لفترة موقتة، اليونان في مرحلة «تخلف جزئي» عن تسديد سندات خزينتها المستحقة. وقال: «لكن في حال حصل هذا الامر، اتخذنا كل الاجراءات لمواجهة كل الاحتمالات».