بدأت المصارف التجارية والشركات المدرجة في سوق البحرين للأوراق المالية، إعلان نتائجها المالية للربع الأول من السنة، ويُتوقع أن تظهر هذه النتائج تحقيق أرباح طيبة تؤكد تجاوزها الكامل للأحداث السياسية الطارئة التي شهدتها البحرين خلال الشهرين الماضيين، كما يُتوقع أن يحقق بعضها نتائج أفضل مما حققه خلال الفترة المماثلة من العام الماضي. وانعكست هذه التوقعات الإيجابية على سوق البحرين للأوراق المالية، إذ شهدت أسعار أسهم معظم المصارف ارتفاعات ملحوظة خلال الأيام الماضية، في حين أن مؤشر البحرين هو حالياً في مستويات مقاربة لمستويات افتتاحه مطلع السنة مع تحقيق انخفاض بسيط. وهذا يشير بدوره إلى ثقة المستثمرين بأداء الشركات المدرجة في السوق، وفي قدرتها على تجاوز الآثار السلبية لما شهدناه خلال الأسابيع الماضية، كذلك ثقتهم في الاقتصاد ككل المتوقع أن يحقق نمواً يبلغ نحو 4.5 في المئة خلال السنة. وتعطينا النشرة الشهرية التي يصدرها مصرف البحرين المركزي، مزيداً من الدلالات على صمود اقتصاد البحرين أمام الأحداث السياسية الماضية، ومواصلته النشاط والنمو خلال الشهرين الأولين من السنة، إذ يُلاحظ أن مستويات السيولة المحلية، وهي مؤشر مهم جداً لحيوية الاقتصاد والنشاط الاقتصادي، حقّقت زيادات ملحوظة خلال الشهرين الأولين من السنة، مقارنة بنهاية عام 2010، فارتفع عرض النقد بمفهومه الضيق من 2.303 بليون دينار (6.110 بليون دولار) في كانون الأول (ديسمبر) 2010، إلى 2.424 بليون في شباط (فبراير) 2011، كما ارتفع عرض النقد بمفهومه المتوسط من 7.867 بليون دينار إلى 7.924 بليون، وعرض النقد بمفهومه الواسع من 9.495 بليون دينار إلى 9.588 بليون خلال الفترة ذاتها. وفي ما يخص موازنة مصارف التجزئة، وهي المصارف العاملة في السوق المحلية، تظهر النشرة الشهرية لمصرف البحرين المركزي حدوث انخفاض طفيف بنحو 250 مليون دينار خلال الشهرين الأولين من السنة، إذ بلغ مجموع الموجودات 24.4 بليون دينار في شباط 2011، ألا أن تفحصاً للموازنة يكشف أن معظم الانخفاض حدث في الودائع ما بين المصارف، وهو بند سريع التفاعل مع الأحداث ولا يعكس الوضع الاقتصادي السائد. ويُلاحظ أن موجودات القطاع الخاص في جانب المطلوبات، وهو البند الذي يتكون من ودائع القطاع الخاص، ارتفع من 7.447 بليون دينار في كانون الأول 2010 إلى 7.483 بليون في شباط 2011، فيما ارتفعت التسهيلات الممنوحة من قبل المصارف لقطاع الأعمال من 3.664 بليون دينار في كانون الأول 2010 إلى 3.693 بليون في شباط 2011، وهي مؤشرات أكيدة إلى أن آليات النمو الاقتصادي في السوق المحلية كانت تعمل بخير طوال أيام الأزمة، ويُتوقع أن يتسارع نموها خلال الأيام المقبلة. ويُعتبر تحسن القطاع المالي في البحرين أحد المؤشرات الرئيسة لتعافي الاقتصاد الوطني، خصوصاً أن نسبة مساهمة القطاع المالي في الناتج المحلي الإجمالي بلغت نحو 27 في المئة عام 2010. وسجلت الموازنة الموحدة للجهاز المصرفي (المصارف التجارية العاملة بالجملة والتجزئة والمصارف الإسلامية ومصارف الاستثمار وعددها 412 مؤسسة) في 2010 ما قيمته 216 بليون دولار، وهي تعادل 11.2 ضعف الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد متانة القطاع المالي في البحرين وضخامته. ونمت الموجودات المصرفية للجهاز المصرفي عام 2010 بنسبة ثلاثة في المئة، مقارنة بنهاية الربع الثاني من عام 2010. وتحتض``ن البحرين 27 مؤسسة مالية إسلامية. وبلغ مجموع موجودات المصارف الإسلامية 25 بليون دولار عام 2010. وتقدم هذه المؤسسات كل المنتجات والخدمات المصرفية التي تتوافق مع أحكام الشريعة. وتتخذ كل من هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية ومركز إدارة السيولة والسوق المالية الإسلامية العالمية والمجلس العام للمصارف والمؤسسات المالية، من البحرين مركزاً لمزاولة أعمالها. كل المؤشرات الاقتصادية والمالية في البحرين، إذاً، تقدّم دعماً جيداً لأداء المصارف سواء التجارية أو الجملة في البحرين عام 2011، خصوصاً مع ارتفاع أسعار النفط بنحو 30 في المئة خلال الأشهر الماضية وتوقع أن يشهد الانفاق الحكومي توسعاً كبيراً نتيجة للدعم الخليجي لمشاريع التنمية والبنية التحتية، علاوة على تأمين آلاف الوظائف للبحرينيين، ما من شأنه تقوية الطلب المحلي وزيادة معدلات الاستثمار في البحرين بما يفتح أمام المصارف فيها فرصاً سانحة للتمويل والاستثمار. ويُتوقع كذلك أن تواصل البحرين عام 2011 تنفيذ كثير من برامج ومبادرات الإصلاح الطموحة تجسيداً للرؤية الاقتصادية 2030، إلى جانب الجهود المبذولة في مجال تحسين بيئة الاستثمار، خصوصاً في مجال تسهيل منح رخص مزاولة الأعمال وخفض كلفتها، ورفع درجة الشفافية في المناقصات الحكومية والحسابات المالية للحكومة. * رئيس «اتحاد المصارف العربية»