اثار إعلان مفاجئ لبيونغيانغ بوقف تجاربها النووية وإطلاق صواريخ باليستية، وإغلاق موقع للتجارب الذرية، تفاؤلاً بتحقيق اختراق في قمتين مرتقبتين للزعيم الكروي الشمالي كيم جونغ أون مع الرئيسين الكوري الجنوبي مون جاي إن والأميركي دونالد ترامب. لكن الدولة الستالينية امتنعت عن التعهد بتفكيك أسلحتها النووية والصاروخية، وهذا مطلب أميركي. وهذه المرة الأولى التي يتحدث فيها كيم الثالث في شكل مباشر عن موقفه من البرنامج الذري لبلاده، علماً انه أمضى سنوات وهو يحتفي بالأسلحة النووية، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من شرعية نظامه وقوته. وكان جدّ كيم بدأ بتطوير هذه الأسلحة، وواصل والده تعزيز ترسانة بيونغيانغ. لكن خبراء يعتبرون أن الإعلان عن تنازلات الآن، لا خلال القمتين، يُظهر أن كيم جدي في شأن محادثات نزع السلاح النووي. وقال المدير المشارك لبرنامج الأمن العالمي التابع ل»اتحاد العلماء المعنيين» ديفيد رايت: «نبحث عن دليل على أن كيم جدي في شأن المفاوضات، ومثل هذه الإعلانات يشير إلى أنه كذلك، وأنه يحاول أن يوضح للعالم أنه كذلك». واعتبر أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة كوريا في سيول نام سونغ ووك، أن إعلان كيم أمر «مثير»، مستدركاً: «لا يزال غير واضح هل يعني ذلك أن كوريا الشمالية لن تسعى إلى مزيد من تطوير برامجها النووية، أو إذا كانت ستغلق كل منشآتها النووية». وسأل: «ماذا سيفعلون بأسلحتهم النووية»؟ وأعلن كيم الثالث أن «كوريا الشمالية ستوقف في 21 نيسان (أبريل) التجارب النووية وإطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات». وأضاف خلال اجتماع للجنة المركزية لحزب العمال الشيوعي الحاكم، ان بلاده «ستغلق موقعاً للتجارب النووية شمال البلاد، تأكيداً على التزامها وقف التجارب النووية»، معتبراً أن هذا الموقع «أنجز مهمته». وتابع: «أعمال تثبيت رؤوس نووية على صواريخ باليستية انتهت. بعد التحقق من الطابع العملاني للأسلحة النووية، لم نعد نحتاج الى تنفيذ تجارب نووية او إطلاق صواريخ متوسطة او بعيدة المدى او صواريخ باليستية عابرة للقارات». ولفت كيم الى ان بيونغيانغ انتهجت على مدى سنوات سياسة «التنمية المتزامنة» لتطوير الجيش والاقتصاد، مشيداً ب»نصر إعجازي» حققته سياسته النووية في غضون 5 سنوات. واعتبر ان كوريا الشمالية باتت قوة عظمى، وعلى «الحزب بأكمله والأمّة بأسرها التركيز على تطوير اقتصاد اشتراكي قوي وتحسين مستوى معيشة الشعب في شكل كبير، من خلال تعبئة كل الموارد البشرية والمادية للبلاد». وتابع: «هذا الخط السياسي الاستراتيجي الجديد للحزب». واعلنت الدولة الستالينية أنها «ستسهّل اتصالاً وثيقاً وحواراً نشطاً» مع دول الجوار والمجتمع الدولي، لتهيئة «بيئة دولية مواتية» لاقتصادها. ورحّب ترامب بإعلان كيم، معتبراً اياه «نبأً ساراً جداً بالنسبة الى كوريا الشمالية والعالم»، وكتب على موقع «تويتر»: «تقدّم ضخم! نتطلّع إلى قمتنا» مع كيم المرتقبة في ايار (مايو) أو حزيران (يونيو) المقبلين. وكتب لاحقاً: «يتحقق تقدّم للجميع!». ورأت سيول في هذا الاعلان «تقدّماً مهماً» نحو نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، معتبرة انه سيساهم في «إحداث بيئة ايجابية جداً لنجاح القمتين المقبلتين». ورجّحت الصين ان يؤدي «قرار وقف التجارب النووية والتركيز على تطوير الاقتصاد وتحسين مستوى معيشة السكان» الى «تسهيل الوضع في شكل أكبر في شبه الجزيرة الكورية وتعزيز نزع الأسلحة النووية ومساعي التوصل الى تسوية سياسية». واعلنت انها «ستدعم كوريا الشمالية (من اجل التزام) الحوار والتشاور مع الاطراف المعنية». وأبدى رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي ترحيباً متحفظاً، اذ نبّه الى ان «النقطة المهمة هي معرفة هل سيؤدي القرار الى التخلي في شكل تام عن تطوير سلاح نووي وتطوير صواريخ، في شكل يمكن التحقق منه ولا رجوع فيه». كما اعترض وزير الدفاع الياباني ايتسونوري اونوديرا على امتناع كوريا الشمالية عن ذكر «تخلّيها عن الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى». واعتبرت روسيا ان اعلان كيم يشكّل «مرحلة مهمة نحو مستقبل خال من التوترات في شبه الجزيرة الكورية»، وحضت الولاياتالمتحدة وكوريا الجنوبية على «اتخاذ تدابير متبادلة تعمل لإبطاء النشاط العسكري في المنطقة والتوصل الى اتفاقات مقبولة من الطرفين (مع كوريا الشمالية)، خلال القمتين المقبلتين». وأعربت الحكومة البريطانية عن امل بأن يشير إعلان كيم إلى «سعي للتفاوض بحسن نية»، وزادت: «نبقي على التزامنا العمل مع شركائنا الدوليين من أجل تحقيق هدفنا بنزع شامل وحقيقي ولا رجعة فيه للسلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية، وأن يتم ذلك من خلال الوسائل السلمية». كما شدد وزير الخارجية الالماني هايكو ماس على «ضرورة ان تُلحق بيونغيانغ (اعلانها) بخطوات ملموسة، وأن تسمح بالتحقق من برنامجها النووي والباليستي بالكامل». وتحدثت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني عن «مرحلة ايجابية طال انتظارها، على الطريق الذي سيؤدي الى النزع الكامل للسلاح النووي، الذي يمكن التحقق منه ولا تعود البلاد اليه»، معربة عن أمل بأن تؤدي القمتين المرتقبتين الى «نتائج اضافية، ملموسة». ورأى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ان الطريق مفتوح أمام «نزع الأسلحة النووية لكوريا الشمالية سلمياً»، فيما دعا الامين التنفيذي لمنظمة معاهدة الحظر الكامل للتجارب النووية لاسينا زيربو بيونغيانغ الى المصادقة على المعاهدة.