يتحرك الدم في الدماغ ضمن شبكة من الأوعية الدموية التي تنقل الى الخلايا العصبية ما يلزمها من إمدادات السكر والأوكسيجين وغيرهما من المغذيات. ومن المهم جداً أن تكون هذه الشبكة سالكة على مدار 24 ساعة لأن خلايا الدماغ لا تستطيع تحمّل نقص الأوكسيجين أكثر من دقائق قليلة لتبدأ بعدها بالموت تدريجياً. ويمكن أن تتعرض شبكة الأوعية في الدماغ للإصابة بانتفاخات بالونية أو بصلية الشكل تعرف ب «أم الدم» «أنوريزم»، وهو مصطلح مأخوذ من اللغة اللاتينية. ويمكن لأم الدم أن تحدث في أي شريان في الجسم إلا أنها أكثر مشاهدة في الصدر والبطن والدماغ. ويحمل شخص واحد الى 5 في المئة من الأشخاص «أم دم» دماغية من دون علم بوجودها. والخطر الأكبر الذي ينجم عنها هو إمكان تمزقها فتقود في هذه الحال الى الموت الحتمي في 50 في المئة من الإصابات. ويمكن أن تشاهد «أم الدم» في أي عمر إلا أنها أكثر شيوعاً بعد العقد الرابع، خصوصاً عند النساء. وتحدث «أم الدم» نتيجة تمدد موضعي في جدار الوعاء الدموي بحيث يشكل جيباً دموياً يتوسع تدريجياً ليعطي انتفاخاً يشبه البالون، أي «أم الدم»، ولا تزال الأسباب المؤدية الى ضعف جدار الوعاء الدموي غير معروفة بدقة، لكن ما يمكن قوله في هذا المجال هو وجود عوامل تضعف جدار الشريان فتشجع على حدوث «أم الدم» الدماغية، وهي تشمل: - ارتفاع الضغط الشرياني المزمن. - الجروح والإصابات الدماغية العميقة. - التدخين. - تعاطي المخدرات، مثل الكوكايين. - التهابات المخ. - وجود تاريخ عائلي للإصابة ب «أم الدم»، خصوصاً لدى الأقارب من الدرجة الأولى، أي الأب والأم والأخ والأخت. - عامل ولاّدي، إذ تحدث «أم الدم» نتيجة وجود ضعف خلقي وراثي في جدار الوعاء الدموي. - تصلّب الشرايين، الناتج من تراكم الرواسب الدهنية والنفايات الدموية، يمكنه أن يحدث ضعفاً في جدران الأوعية الدموية الدماغية يقود إلى نشوء أمهات الدم. - الإصابة بأمراض يترافق وجودها مع أمهات الدم، مثل مرض تكيّس الكلية، ومتلازمة «أهلر- دانلوس»، ومتلازمة «مارفان»، والورم الليفي العصبي. - انخفاض مستوى هرمون الإستروجين بعد سن اليأس. كيف تتظاهر أمهات الدم الدماغية؟ لا تسبب أمهات الدم الدماغية غير الممزقة عادة عوارض معينة، وهي كثيراً ما تكتشف بالصدفة خلال الفحص الشعاعي للرأس لأسباب أخرى أو بعد انفجارها. وكلما زاد حجم «أم الدم» زاد الضغط على أنسجة المخ المحاذية لها التي تحتوي على النهايات العصبية فتعطي عوارض تبعاً لمنطقة الضغط، وتكون عادة على صورة عوارض غير محددة، مثل ألم في مقلة العين، ورؤية مزدوجة، وخدر وآلام في الوجه، وفقدان الرؤية، وحوَل، وصداع شديد، واهتزاز حركة العين أو الجفن. وفي هذه الحالات لا بد من استشارة الطبيب لكشف الملابسات. وإذا تعرضت أمهات الدم للتمزق فإنها تخلّف أضراراً دماغية واسعة ومعاناة من عوارض آنية تشبه الرعد في سماء هادئة، وذلك تبعاً لحجم «أم الدم» وموقعها. وتضم هذه العوارض: - الصداع العنيف المفاجئ الاستثنائي الذي لم يشهد المريض مثله من قبل، وهو غالباً ما يكون العارض الأول الذي يعقبه أحياناً حدوث غشي أو نوبة صرعية. - تيبس النقرة، وهو يدل على نزف واسع. - عوارض أزمة دماغية، مثل الغثيان، والتقيؤ، واضطرابات بصرية، والرهاب الضوئي، وصعوبات على صعيد الكلام، والتخليط الذهني، وشلل جزئي في طرف واحد من الجسم، وتشنجات، واضطرابات في البلع، وفقدان التوازن، واضطرابات في التنفس. - الغيبوبة في حال النزف الكبير لأم الدم. إن انفجار «أم الدم» قد ينتج منه نزف قوي يمكن أن يقود إلى الوفاة في نصف الحالات، ونصف الذين يسلمون منه تحصل عندهم مضاعفات دماغية ويصابون بعجز ما وفقاً لطبيعة الإصابة. ما هي علاجات أمهات الدم؟ إن غالبية حالات أمهات الدم لا تتمزق، فإذا اكتشفت بالصدفة فإنها تترك على حالها مع المراقبة الدورية لها، والتركيز على الوقاية من خلال السيطرة على العوامل التي تزيد من حجمها أو من خطر تمزقها، وتضم: التدخين، وضغط الدم العالي، وزيادة الوزن، والكسل، والنظام الغذائي الغني بالدهون، والمخدرات. ولا يتم التدخل العلاجي إلا في حال وجود أخطار عالية للتمزق. ويقوم التدبير في هذه الحال على إدخال قسطرة فيها لفائف معدنية دقيقة تصل إلى حيث توجد «أم الدم» من أجل غلقها وسدها، أو قد يتم التدخل مباشرة على «أم الدم» عبر الجمجمة مباشرة من أجل ربط الوعاء الدموي لمنع تجمّع الدم.