أجرى رئيس الحكومة الانتقالية في مصر الدكتور عصام شرف «تعديلاً واسعاً» على حكومته أمس بدا أن هدفه الأساسي تهدئة الموقف واستعادة العلاقة «المميزة» مع الثوار. إذ لم يكتفِ شرف باستبعاد وزرائه المحسوبين على النظام السابق (باستثناء وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا)، بل أطاح غالبية أركان حكومته، وإن ظلت الحقائب السيادية محتفظة بوزرائها. لكن التغييرات الحكومية التي أعلنت مساء وضعت شرف أمام محك قد يحدد مستقبله: فإما أن تحظى تغييراته بقبول الشباب الثائر ومن ثم تعلّق الاعتصامات، أو ستدخل البلاد في سلسلة من الاحتجاجات قد تطيح عصام شرف نفسه. وتزامن إعلان التغيير الحكومي مع إعلان التلفزيون الرسمي أن الرئيس السابق حسني مبارك (83 سنة) دخل في غيبوبة أمس. ونقل التلفزيون عن محامي مبارك أن «الرئيس السابق دخل في غيبوبة كاملة بعد تدهور مفاجئ في صحته» إثر تعرضه لأزمة قلبية. لكن مستشفى شرم الشيخ حيث يُعالج مبارك نفى مزاعم المحامي. وظل رئيس الحكومة عصام شرف يجري مشاوراته حتى حلول المساء، فاجتمع في الصباح مع نائبيه الدكتور حازم الببلاوي الذي كلف حقيبة المال أيضاً والدكتور علي السلمي، قبل أن يبدأ لقاءاته مع المرشحين لشغل الحقائب الوزارية. والتقى الدكتور معتز خورشد الذي رشح لحقيبة التعليم العالي، والدكتور حازم عبدالعظيم لحقيبة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والدكتور عمرو محمد حلمي للصحة والسكان، والدكتور علي زين العابدين للنقل والمواصلات، والدكتور عبدالفتاح البنا وزيراً للآثار، والمستشار محمد أحمد عطية وزير التنمية المحلية، والدكتور صلاح السيد فرج المرشح للزراعة واستصلاح الأراضي، وأحمد فكري وزيراً للتجارة والصناعة، والدكتور محمد عبدالفضيل القوصي وزيراً للأوقاف، واللواء لطفي مصطفى كمال وزيراً للطيران المدني، والسفير محمد كامل عمر وزيراً للخارجية (كان يشغل منصب سفير مصر لدى السعودية سابقاً). وبدا من التغييرات الحكومية اعتماد شرف على جيل الوسط، إذ لم يتعد الوزراء الجدد حاجز الستين من العمر، باستثناء نوابه الاثنين، كما غلب على التشكيل الحكومي الجديد الطابع الفني أو التكنوقراطي، فيما حظي حزب الوفد الليبرالي بتمثيل «مميز» في الحكومة، إذ حصد ثلاث حقائب هي نائب رئيس الوزراء لعلي السلمي، فيما احتفظ منير فخري عبدالنور بحقيبة السياحة كما احتفظ أسامة هيكل بحقيبة الإعلام. وكان من أبرز الأسماء التي نجت من مقصلة التغييرات الحكومية وزير الداخلية منصور العيسوي الذي حظي أداؤه بأوسع انتقادات لجهة استمرار الانفلات الأمني في الشارع، والعدل المستشار عبدالعزيز الجندي الذي يطالب الثوار بتطهير وزارته من المحسوبين على النظام السابق، والتضامن الاجتماعي جودة عبدالخالق والتربية والتعليم أحمد جمال الدين موسى، والثقافة عماد أبو غازي. وسعى الوزراء الجدد في أول تعليقات لهم إلى اجتذاب رضى الشارع، فتعهد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية السياسية الدكتور علي السلمي بعدم التخلي عن حقوق الشهداء، مشدداً على أن الحكومة حريصة على عدم التهاون في حقوق المواطن خصوصاً من تعرضوا إلى الإصابات أو القتل خلال تظاهرات الثورة التي انطلقت في الخامس والعشرين من كانون الثاني (يناير) الماضي. ورهنت الائتلافات الشبابية التي لعبت دوراً رئيساً في الثورة المصرية تعليق الاعتصامات في ميدان التحرير ب «قبول الوجوه التي ستدخل على الحكومة الجديدة».