رام الله - رويترز - ترصد المخرجة الفلسطينية سوسن قاعود في فيلمها الوثائقي الجديد «نساء في الملعب» نشأة كرة القدم النسائية الفلسطينية وتطورها عبر متابعة استمرت ثمانية شهور من التصوير واللقاءات. وقالت قاعود، بعد العرض الأول لفيلمها في «مسرح وسينماتك القصبة»، في رام الله: «خطرت لي الفكرة خلال مباريات كأس العالم العام الماضي، إذ لاحظت نسبة كبيرة من الفتيات في المقاهي يتابعن مباريات كرة القدم، فقررت العمل على فيلم عن كرة القدم النسائية الفلسطينية». وأضافت: «اخترت أربع بطلات من لاعبات المنتخب الوطني لكرة القدم للحديث عن كرة القدم النسائية الفلسطينية من جوانبها كافة، والظروف التي تمر بها اللاعبات، وموقف الأهل والمجتمع، في محاولة لإظهار الوجه الآخر للاعبات». ويبدأ الفيلم، وهو من إنتاج قناة «الجزيرة الوثائقية»، بعرض لقطة لفتيات يلعبن بالكرة في حي قديم في بيت لحم، حيث حرصت المخرجة على إظهار صور كاملة لمدينة مهد المسيح، والجدار الذي يلفها، والحواجز التي تعيق وصول الناس إليها. تروي هني ثلجية، لاعبة المنتخب الفلسطيني لكرة القدم، حكايتها مع هذه اللعبة التي عشقتها منذ الصغر، وكيف كانت تلعب مع الأطفال، حتى أنها كانت تشارك في الفرق المدرسية وتلعب إلى جانب «الصبيان» في المباريات، الأمر الذي أثار دهشة الكثيرين، كما قالت، مضيفة أن الفكرة بدأت عام 2003، وشُكّل منتخب كرة قدم للسيدات. وتقول ثلجية في الفيلم أنه، في العادة، يتشكل المنتخب الوطني من أندية موجودة وراسخة، لكن ما حدث هو أن المنتخب تشكّل قبل الأندية. وفي عام 2005 شاركت اللاعبات للمرة الأولى في بطولة غرب آسيا. وتقدم قاعود، في فيلمها الذي تستحضر فيه لقطات من تدريبات الفريق ومبارياته مع منتخبات عربية، نماذج مختلفة من مواقف الأهل، بين مشجع لهذه الرياضة ومعارض لها بدعوى الحرص على ألا تأخذ الرياضة الفتاة من حياة تتمناها كل أم لابنتها فتزوجها وتراها ربّة أسرة. ويعرض الفيلم حوارات مع بعض أهالي اللاعبات، منها حوار بين اللاعبة مريان البندك وجدّتها الرافضة أن تلعب حفيدتها كرة القدم لأنها ترى فيها لعبة خشنة لا تصلح للفتيات. بينما تحاول الحفيدة إقناعها بأهمية مشاركتها في اللعبة وأنها لن تلعب إلى الأبد، فيما يظهر والد اللاعبة كلودي سلامة مشجعاً لها. وتخشى والدة اللاعبة نيفين كليب، التي لا تعارض لعب ابنتها كرة القدم في المبدأ، أن تتأخر في دراستها الجامعية وتمر السنوات من دون أن تتخرج بسبب تأجيلها للدراسة من أجل المشاركة في البطولات. في حين ترى نيفين أن مشاركتها في المنتخب الوطني لكرة القدم إثبات لأن المرأة الفلسطينية قادرة على تحدي الاحتلال وكل الصعوبات التي تواجهها سواء كانت مادية أم مجتمعية. ويقدم الفيلم نموذجاً آخر هو اللاعبة فداء فنون، وهي من مؤسِّسات المنتخب، لكنها لم تتمكن من مواصلة مسيرتها الرياضية إثر عجزها عن التنقل بين قريتها نحالين ومدينة بيت لحم بسبب الحواجز العسكرية الإسرائيلية وصعوبة المواصلات، على رغم حنينها الدائم للعب كرة القدم. واختارت المخرجة أن تقدم حضور كرة القدم النسائية في بلدة يطا، التي ينظر إليها على أنها تلتزم العادات والتقاليد المحافظة، للدلالة على انتشار هذه اللعبة في معظم المناطق الفلسطينية، مع تقديم الفتيات شرحاً لظروف اللعب وموقف بعض الأهل من ذلك. وتعمل لاعبات المنتخب الحالي على تدريب جيل جديد من اللاعبات، ليكملن المشوار، لأن العديد منهن يقررن بأنه لا يمكن لهن اللعب لسنوات طويلة، خصوصاً إذا ما تزوجن وأصبحت لهن عائلات. وتظهر مقاطع من الفيلم مشاهد من هذه التدريبات. وتقول اللاعبات إن لدى كل منهن حياتها الخاصة التي تحافظ فيها على أنوثتها. وتعطي المخرجة لكل منهن مساحة في نهاية الفيلم للتأكيد على أنها تصبح شخصية مختلفة خارج الملعب، فترتدي ملابس السهرة وتتزين، وكثير ممن يراهن وهن في كامل زينتهن لا يدرك أنهن كن داخل الملعب يمارسن تلك الرياضة المعتبرة خشنة. ويستعد المنتخب الوطني الفلسطيني النسائي لكرة القدم هذه الأيام للمشاركة في بطولة غرب آسيا التي تقام في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل في دبي. وأوضحت المخرجة أنها اختارت أن تقدم العرض الأول لفيلمها، بعد ثمانية شهور من العمل المتواصل، أمام الجمهور الفلسطيني، قبل مشاركته في أي مهرجانات خارج فلسطين.