«حسن صبي»... وصف يرافق العديد من لاعبات منتخب فلسطين النسوي لكرة القدم وهو تعبير للتهكم من فتيات يلعبن ألعاب الذكور ويتشبهن بهم. والوصف أقل ما يقال فيه إنه «مزعج» بحسب كلودي سلامة (19 سنة) التي تعتبر اليوم إحدى أبرز لاعبات المنتخب، وهدافة الدوري النسوي الفلسطيني لكرة القدم وواحدة ممن انضممن الى أول منتخب فلسطيني لكرة القدم منذ تأسيسه في عام 2005. وبسبب حداثة اللعبة في الأراضي الفلسطينية، فالكثيرون من الفلسطينيين، وعلى رغم مرور خمس سنوات تقريباً على إنشاء المنتخب لا يعرفون أن في فلسطين منتخباً نسائياً لكرة القدم، وهو أمر يقلق اللاعبات اللواتي يعانين أصلاً من الانتقادات العائلية والاجتماعية، وتخوف الوالدين احياناً. وتقول اللاعبة غدير اللدعة (19 سنة)، الطالبة في كلية مجتمع المرأة في رام الله، وتتخصص في الهندسة: «لم يعارض والدي ممارستي لعبة كرة القدم وانضمامي الى المنتخب الوطني لكنهما لم يرحبا بذلك أيضاً. واكثر ما يؤرقهما تعرضي لاصابات مؤذية خلال ممارستي اللعبة، بخاصة أنني اصبت فعلا في البطولة العربية الأخيرة التي أجريت في دولة الامارات». وتضيف سلامة: «والدتي تعارض بشدة انخراطي في لعبة تعتبرها خشنة وذكورية، بينما القى التشجيع الكبير من والدي الذي يرافقني إلى معظم المباريات والتدريبات احياناً. أما الاقارب فغالباً ما يتهكمون علي ويسخرون مني، ويصفونني بعبارة حسن صبي». ولكل لاعبة حكايتها الخاصة مع كرة القدم، وعن ذلك تقول سلامة، الطالبة في كلية التجارة والاقتصاد في جامعة بيرزيت: «منذ طفولتي تجذبني لعبة كرة القدم، حتى أنني كنت أمارس هذه اللعبة مع الصبيان في المدرسة بينما كنت أبتعد عن ألعاب الفتيات كالجمباز وغيرها»، وتزيد: «لفتّ انتباه مديرة المدرسة الانجيلية الاسقفية العربية في رام الله فأصدرت تعليماتها بإنشاء أول فريق لكرة القدم النسوية في المدرسة، وبدأت ألعب وزميلاتي في دوري المدارس، وهي في مجملها مدارس خاصة، وحققنا العديد من البطولات». وتواصل حديثها عن حكايتها مع كرة القدم فتقول: «بعد ذلك أسست سرية رام الله الأولى فريقاً لكرة القدم النسوية وكنت من أوائل اللواتي انضممن للفريق الذي يعتبر من أشهر فرق كرة القدم النسوية في فلسطين، ولعل مشاركتي الفاعلة في فريق السرية، بطل الدوري النسوي، هو ما دفع الى اختياري». أما اللدعة فحكايتها مع كرة القدم بدأت من أزقة «الحارة»، حيث كانت تشارك في اللعبة مع اشقائها وأبناء عمومتها. الا ان الحظ لم يحالفها في ارتياد مدرسة تهتم مديرتها بكرة القدم النسوية ولا بأي نوع من انواع الرياضات بالمطلق، لدرجة أنها أوقفت فريق كرة السلة عن اللعب لاعتقادها بأن لا جدوى من النشاطات الرياضية للطالبات. وتقول اللدعة: «وجدت ضالتي في فريق سرية رام الله، وأنا الآن لاعبة في الفريق والمنتخب الوطني الفلسطيني». وتعاني اللاعبات، بحسب سلامة واللدعة، من اهمال المجتمع لهن إلى جانب إهمال الإعلام وحتى بعض القائمين على المنتخب على رغم تأكيدهن على الاهتمام الكبير للواء جبريل الرجوب، رئيس اتحاد كرة القدم بالمنتخب النسوي. فهو يؤكد على ضرورة العمل على تطوير اللعبة، اضافة الى اهتمامه الشخصي برفع معنويات اللاعبات اللواتي يشددن على أن غياب الكثير من تفاصيل يومياتهن مع المنتخب عن الرجوب هو وراء الخلل الحاصل الذي يحد من الآفاق المستقبلية الحقيقية للعبة، بل ويدفع بعض اللاعبات الى الاعتذار عن عدم المشاركة في المنتخب أحياناً أو يجبرن على ذلك. وتعاني سلامة من عدم تجاوب العديد من الأساتذة مع خصوصية مشاركتهن في البطولات وهو ما ينطبق على غيرها من اللاعبات من طالبات الجامعات. اذ يقوم الاساتذة أحياناً بترسيبهن في الامتحانات، على رغم الرسائل الرسمية التي تصلهم من اتحاد كرة القدم الفلسطيني. لذا تطالب اللاعبات بحل هذه المشكلة سريعاً عبر تنسيق فعال بين الاتحاد والجامعات. وانطلاقاً من شعورهن بأنهن مجرد هاويات للعبة ولسن محترفات كما هي الحال في العديد من دول العالم، لا تجد سلامة واللدعة أي مشكلة في ترك المنتخب من اجل تكوين أسرة. وتقول سلامة: «نحن مثل بقية البنات في مثل عمرنا يمكن أن نحب ونتزوج ونشعر بكامل انوثتنا خارج الملعب ولا ندع لعبة خشنة كما يصفها الكثيرون تسيطر على هذا الجانب الحيوي داخلنا». وتدعمها زميلتها بالقول إن «كرة القدم تبدو أقل خشونة وهي تتدحرج بين أقدام الفتيات»!