بدا أمس أن الأزمة الليبية تتجه إلى أسابيع حاسمة قد تُحدد مصير ما تبقى من سلطة للعقيد معمر القذافي. وفي وقت واصل الثوار هجومهم الضخم على جبهة البريقة، التي يأملون بالتقدم منها نحو راس لانوف ثم سرت، مسقط رأس القذافي، أعلنت الولاياتالمتحدة اعترافها الكامل بالمجلس الوطني الانتقالي بوصفه «الحكومة الشرعية» في ليبيا، وهي خطوة حذتها بقية دول مجموعة الاتصال الخاصة بليبيا التي انعقدت في مدينة إسطنبول أمس. ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح المجال أكثر أمام رفع التجميد عن أرصدة الحكم الليبي وتحويلها إلى الثوار. وسارع الى ادانة الاعتراف الاميركي بحكومة بنغازي. وطغت على اجتماع إسطنبول أمس عقدة البحث عن آلية أو صيغة لتنحي العقيد القذافي تمهيداً لبدء «مرحلة انتقالية» للحكم يتولى فيها المجلس الانتقالي الذي يمثّل الثوار الدور الرئيسي ولكن بمشاركة من حكومة طرابلس. لكن بدء المرحلة الانتقالية يتطلب التأكد أولاً من رحيل القذافي وعائلته عن الحكم. وعُلم أن المجتمعين في إسطنبول قرروا السعي إلى حصر آلية التفاوض مع النظام في طرابلس بشخص موفد الأمين العام للأمم المتحدة عبدالإله الخطيب الذي يُتوقع أن ينقل إلى الحكم الليبي شروطاً خاصاً بآلية تنحي القذافي والتفاوض معه في شأنها. ويقول مسؤولون غربيون إن موفدين من القذافي ناقشوا هذه المسألة معهم، ولكن ليست هناك ضمانات بالتزامه بما يقوله موفدوه، إذ أنه يتمسك في خطاباته ببقائه في السلطة. ومن بين هؤلاء الموفدين صالح بشير مدير مكتب القذافي الذي قابل مسؤولين فرنسيين. وقال محمود جبريل الذي يتولى منصب «رئيس حكومة» المجلس الانتقالي ل «الحياة» إن الرسائل التي بعث بها القذافي كانت «متذبذبة ... فيوماً يُبدي استعداده للتنحي ثم يتراجع عن ذلك في يوم آخر». وعلمت «الحياة» أن الآلية التي تتم مناقشتها حالياً هي تحديد جدول زمني لتنحي القذافي ورحيله عن الحكم، وأن الصيغة، التي يناقشها الغربيون، تنص على إمكان بقائه في ليبيا بعد تنحيه عن السلطة لكن بشرط أن لا يكون هذا البقاء مفتوحاً لفترة غير محددة، بمعنى أنه لا يستطيع البقاء إلى الأبد بعد تنحيه. ويريد الغربيون أن يرحل القذافي وأبناؤه عن ليبيا بعد إيجاد دولة تقبل إيواءهم. لكن من غير الواضح هل هذا يعني إبرام صفقة تتضمن وقف الملاحقات التي باشرتها المحكمة الجنائية الدولية ضد القذافي ونجله سيف الإسلام ومدير استخباراته عبدالله السنوسي بتهمة التورط في جرائم ضد الإنسانية. وعُلم في إسطنبول أن اجتماع مجموعة الاتصال تميّز بإجماع المشاركين فيه على ضرورة رحيل القذافي واستمرار عمليات حلف شمال الأطلسي «الناتو» لزيادة الضغط عليه. وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه إن الثوار الليبيين لم يروا أي اعتراض بين استمرار العمليات ودخول شهر رمضان. وعلمت «الحياة» أن فرنسا باتت في المرحلة النهائية للإفراج عن نحو 250 مليون دولار من الأموال المجمدة وتسليمها للمجلس الانتقالي الليبي. وأوردت «فرانس برس» أن مجموعة الاتصال الدولية باتت الآن تعترف بالمجلس الوطني الانتقالي بصفته «السلطة الحكومية الشرعية» في البلاد، ما يعني إمكان رفع تجميد أرصدة ليبية لمصلحة الثوار. وفي هذا الإطار، أعلن وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو: «أريد تشجيع شركائنا في مجموعة الاتصال على فتح حسابات لفائدة المجلس الوطني الانتقالي تساوي نسبة الأصول الليبية المجمدة لديها». وأعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن اعتراف مجموعة الاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي جاء نتيجة «ضمانات» قدمها الثوار. ونقلت «فرانس برس» عن كلينتون قولها في لقاء صحافي في إسطنبول: «لقد قدم المجلس الوطني الانتقالي ضمانات كبيرة اليوم (أمس) خصوصاً الوعد بمواصلة الإصلاحات الديموقراطية المفتوحة على الصعيدين الجغرافي والسياسي».