هتف عشرات آلاف الأشخاص لجثمان ويني ماديكيزيلا- مانديلا، الملهمة الشعبية المثيرة للجدل ضد التمييز العنصري، خلال جنازة وطنية في مدينة الصفيح سويتو في جنوب أفريقيا. ووجه رئيس البلاد سيريل رامافوزا تحية عاطفية إلى أيقونة مناهضة التمييز العنصري، متعهداً باقتراح حصولها على اعلى تكريم من المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم. وقال الرئيس، في جنازة رسمية هي الأولى التي تقام لشخصية ليست على رأس سلطة وحضرها عدد من رؤساء أجانب وشخصيات، إن الاعتقال والتعذيب وسنوات الإبعاد لم تزدها إلا «جرأة» كناشطة سياسية، ولكن ألحق بها ايضاً «جروحاً عميقة» لم تندمل أبداً وتجاهلها كثير من الأقران. وقالت احدى المشاركات «ماما ناضلت من اجل حريتنا. من الضروري تكريمها». وقالت اخرى «كانت واحدة من افضل جنودنا. لقد ناضلت من البداية حتى النهاية. ماما، إذهبي بسلام. قمتِ بدورك». وتختتم هذه الجنازة عشرة أيام من الحداد الوطني الذي أعلن في ذكرى المرأة التي كانت تلقب «الصخرة» و «والدة الأمة» و «المحررة» و «البطلة»، والتي توفيت في الثاني من نيسان (أبريل) الماضي عن 81 سنة إثر مرض طويل. وقد غادر نعش «ماما ويني» الذي واكبته دراجات نارية، ولفّ بعلم جنوب أفريقيا صباح أمس منزلها في سويتو، الضاحية الفقيرة في جوهانسبورغ التي بقيت وفية لها طوال حياتها. وحيا الجثمان الذي وصل إلى استاد أورلاندو الذي يبعد بضعة كيلومترات عن سويتو، حوالى عشرين ألف شخص يلبسون ثياب الحداد، وأنشدوا رافعين قبضاتهم اغنية نضالية «لا مثيل لويني مانديلا». وفي نهاية الجنازة الرسمية، ووريت ويني مانديلا الثرى في مدفن حي فوروايز السكني في جوهانسبورغ الى جانب أحدى حفيداتها التي توفيت في 2010. وخلال السنوات السبع والعشرين لسجن زوجها في تلك الفترة نلسون مانديلا، حافظت ويني مانديلا على شعلة مقاومة التمييز العنصري، على رغم عمليات التعذيب والإذلال والإقامة في السجن. وقد أثمر نضالها وشجاعتها. وصورة الزوجين، جنباً إلى جنب، لدى الإفراج عن نلسون مانديلا في 1990، ترمز إلى الانتصار على النظام العرقي الأبيض الذي سقط رسمياً بعد أربع سنوات. لكن هذا الزواج لم يستمر. فقد انفصلا في 1992، بعد سنتين على وصول مانديلا، الحائز جائزة نوبل للسلام، إلى منصب الرئاسة. وفي المقابل، تلطّخت صورة ويني التي دينت بالتزوير والغشّ والخطف وأعمال العنف. واتُهمت بتجاوزات ارتكبها حرسها الشخصي «نادي مانديلا المتحد لكرة القدم» الذي نشر الرعب في سويتو في نهاية ثمانينات القرن الماضي. وبعد نحو ربع قرن على النهاية الرسمية لنظام التمييز العنصري، ما زالت حوافز هذه المجموعة غامضة. وقال شرطي أبيض سابق تائب، إن النظام اخترق هذه المجموعة. في تلك الفترة، أعرب المؤتمر الوطني الأفريقي رأس حربة النضال ضد التمييز العنصري، عن قلقه. وتجاهلت ويني مانديلا نداءاته. وهذا الأسبوع، طلب الرئيس رامافوزا ألا تلقى كل «المآخذ» على ويني. وقالت وزيرة الاتصال نومفولا موكونيان «ماما لم تكن شخصاً كاملاً». وأضافت «كثيرون بيننا قاموا بأفعال جيدة، وبأمور مرعبة ايضاً خلال النضال. يجب ألا ننسى أبداً الظروف»، معتبرة أن ويني قد تعرضت للانتقاد «لأنها امرأة».