بدأت في جنيف أمس، محادثات رسمية مباشرة للمرة الأولى بين طهران وواشنطن، يشارك فيها الاتحاد الأوروبي، لمحاولة إيجاد حلول لعراقيل تعترض بدء صوغ اتفاق نهائي يطوي الملف النووي الإيراني، فيما تخلّت إسرائيل للمرة الأولى عن تشاؤمها بإمكان إبرام الغرب اتفاقاً نووياً مع طهران. في الوقت ذاته، تعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره التركي عبدالله غل التعاون لوضع حدّ للنزاعات في الشرق الأوسط، خصوصاً سورية، وإعادة الاستقرار إلى المنطقة. في غضون ذلك، بدأت إيران والولايات المتحدة، عبر محادثات مباشرة في جنيف يحضرها الاتحاد الأوروبي، سعيهما إلى تسوية خلافات تعرقل إبرام اتفاق نهائي يطوي الملف النووي الإيراني. ويرأس الوفد الإيراني نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، والوفد الأميركي نائب وزير الخارجية وليام بيرنز، فيما تمثّل الاتحاد الأوروبي هيلغا شميد، مساعدة وزيرة خارجية الاتحاد كاثرين آشتون. وأشار عراقجي إلى «هوة بين طرفي المفاوضات حيال مسائل»، مضيفاً: «على الأطراف الآخرين اتخاذ قرارات صعبة لاستجابة مطالبنا وتأمين حقوق الشعب الإيراني». وأعرب عن أمله ب «الانتقال من الخطوط العريضة إلى التفاصيل، والبدء بصوغ نص الاتفاق النووي الشامل». في السياق ذاته، برز موقف إسرائيلي لافت يعكس تحوّلاً للمرة الأولى، إذ اعتبر الجنرال إيتاي برون، رئيس مركز البحوث في الاستخبارات العسكرية، أن ايران «تلتزم» اتفاق جنيف الذي أبرمته مع الدول الست المعنية بملفها النووي، في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، والذي كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وصفه بأنه «خطأ تاريخي». ورجّح برون أمام مؤتمر الأمن المنعقد في هرتزليا قرب تل أبيب، إبرام إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) «اتفاقاً دائماً خلال هذه السنة». لكن وزير الشؤون الاستخباراتية الإسرائيلية يوفال شتاينتز، جدد أمام المؤتمر خشية الدولة العبرية من أن يتيح أي اتفاق لطهران القدرة على إنتاج مواد انشطارية لصنع رأس نووي. وفي انقرة، أثلج الرئيس روحاني صدر الحكومة التركية أمس، بتلبيته دعوة لزيارة أنقرة قبل إبرام طهران اتفاقاً مع الغرب يطوي ملفها النووي. فمنذ انتخاب روحاني الصيف الماضي، جهدت أنقرة لأن يكون أول رئيس إيراني يستأنف الزيارات الرسمية لتركيا بعد 18 سنة، لتأكيد أن التوتر في العلاقات السياسية بسبب الملفين السوري والعراقي، يجب ألا يُفسد للودّ الاقتصادي قضية. وتنتظر تركيا قطف ثمار تعاونها الاقتصادي مع إيران خلال فترة العقوبات المفروضة عليها، واستمرار هذا التعاون على رغم ضغوط غربية، ما فجّر فضيحة فساد ضخمة تتعلق ببيع نفط إيراني عبر تركيا ودفع ثمنه ذهباً، وطاولت الفضيحة وزراء في حكومة رجب طيب أردوغان. لكن روحاني وضع شرطاً جديداً أمام فتح الأسواق الإيرانية للتجار الأتراك المتعطشين لسوق ضخمة، خصوصاً إذا صحّت التوقعات التركية برفع العقوبات الاقتصادية عن طهران قريباً. وبدا الجانب التركي الذي لم يحصل على ما توقّعه من زيارة روحاني، لا اقتصادياً ولا سياسياً، صريحاً في الحديث عن الفرص الضائعة لتأخير التعاون الاقتصادي بين البلدين، إذ اعتبر غل أن «تركياوإيران يمكنهما أن تصبحا مثل فرنسا وألمانيا في تعاونهما الاقتصادي، ووقّع البلدان اتفاقات تعاون، لكن المهم تنفيذها، وواجهنا عراقيل في هذا الصدد سابقاً». وأبرم الجانبان خلال زيارة روحاني 10 اتفاقات تعاون وتنسيق في مجالات الحدود والنقل والسياحة والاتصالات، لا تسمو إلى التوقعات التركية وحضور 7 وزراء مع الرئيس الإيراني، خصوصاً أن تركيا كانت تتوقّع حسم ملف نقل الغاز الإيراني عبر أراضيها إلى أوروبا ونيل خفض في سعره في مقابل ما قدّمته من خدمات لمساعدة الاقتصاد الإيراني خلال سنوات العقوبات. لكن روحاني اعتبر أن تلك الاتفاقات ستتيح رفع قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى 30 بليون دولار سنوياً.