بالتعاون مع الأكاديمية الطبية العسكرية، عقدت كلية الطب في جامعة الأزهر أخيراً، مؤتمراً تحت عنوان «السرطان إكلينيكياً ومعملياً» نوقشت خلاله 45 ورقة بحث تتصل بالأورام الخبيثة. وفي تصريح إلى «الحياة»، أوضح اللواء الدكتور عمر هيكل رئيس الأكاديمية الطبية العسكرية (وهو مُقرّر المؤتمر أيضاً) أن أهم ما ميّز المؤتمر هو تبادل الخبرات بين اختصاصيين في مجال تشخيص الأورام الخبيثة وعلاجها واكتشافها مبكراً. وأعلن أن المؤتمر وجّه رسالة إلى الرأي العام، مفادها أن العلاج الطبي للسرطان لا بد أن يجري بأيدي فريق متكامل من الاختصاصيين في الأورام والعلاجين الكيمياوي والإشعاعي، وأطباء الجراحة، إضافة إلى ضرورة تبادل المعلومات المتعلّقة بالمريض بينهم، كي يتم التوصّل إلى تشخيص الحال ووضع بروتوكول العلاج بدقة. ابحث عن الفيروسات في السياق عينه، أوضح هيكل أن سرطان الكبد أخذ مساحة كبيرة من مناقشات المؤتمر، خصوصاً العلاقة الطردية بين الإصابة بفيروسي الكبد «سي» و «بي» وسرطان الكبد، إذ تتحوّل 4 في المئة من الالتهابات الفيروسية في الكبد سرطاناً. ورأى هيكل أن هذا الأمر يؤكّد أهمية الفحص الدوري للمصابين بفيروسات الكبد، بالموجات فوق الصوتية. وشدّد على أن الاكتشاف المبكّر لسرطان الكبد يرفع نسب الاستجابة للعلاج، كما يقلل من المضاعفات. وأشار هيكل إلى أهمية التزام الكوادر الطبية والمستشفيات بالقواعد الطبية الأساسية، مثل تطهير أدوات الجراحة وتعقيمها، والتخلص الآمن من النفايات الطبية، وتوعية هيئة التمريض والأطباء المبتدئين، بأهمية الالتزام بإجراءات الوقاية، كارتداء القناع والقفازات وال «أوفر شوز»، لأن أمراض الكبد تهدد العاملين في الحقل الطبي أيضاً، بل إنهم أكثر الفئات تعرّضاً له. ويضاف إلى ذلك ضرورة الالتزام بالشروط العالمية عند نقل الدم، مثل معرفة التاريخ المرضي المفصل للمتبرع، والسؤال عن وجود حساسية سابقة عند نقل الدم المريض. من جهة أخرى، أوضح هيكل أن مشكلة الإصابة بسرطان الكبد في مصر ترجع إلى انتشار فيروس «سي» بأثر من علاج البلهارسيا بالحقن غير المعقمة، التى مازالت تستخدم في بعض الوحدات الصحية في الأرياف والقرى. ويأتي في السياق عينه، انتشار بعض العادات السيئة في الموالد والاحتفالات الدينية الشعبية، مثل إجراء ختان جماعي للذكور، وكذلك نقش الأوشام، وهي ممرات مفتوحة لنقل أمراض معدية عبر الدم. في سياق المؤتمر عينه، بيّن اللواء رجائي محمدي، وهو طبيب متخصّص في التحاليل الطبية والأنسجة والأورام في القوات المسلحة، أن تليّف الكبد يشكل أكثر من 70 في المئة من أسباب الإصابة بسرطان الكبد في مصر. المعلوم أن تليّف الكبد ينتج من مضاعفات الاصابة بفيروسي «بي» و «سي»، والاستخدام العشوائي للهرمونات الجنسية. ولفت إلى أن الوقاية تبدأ بالتشديد على إجراء فحوصات دورية وتحاليل دم ووظائف كبد للأشخاص المعرضّين للإصابة بهذه الفيروسات. وأشار محمدي إلى أن العلاج من فيروس «سي» سهل، لكن إهماله يوصل إلى حال التليّف في الكبد. ولذا، وجّه نصيحة إلى الاطباء الشباب، بأن يتنبهوا إلى نتائج تحليل وظائف الكبد، لأن ارتفاع مؤشراتها تفرض إجراء تحاليل لفيروسات الكبد. وتناول محمدي مسألة الوقاية من فيروسات الكبد، مشدّداً على ضرورة ان يستخدم كل شخص أدوات مخصّصة له، خصوصاً عندما يقصد الحلاق أو عند الكوافير أثناء إجراء ال «باديكير» للنساء، كما نوّه بأهمية فحوصات ما قبل الزواج، لأن فيروس «بي» ينتقل بالاتصال الجنسي، ولا بد من علاجه قبل الزواج، موضحاً أن فيروس «سي» لديه فرصة أقل للانتقال عن طريق الاتصال الجنسي، مع ضرورة علاجه عند المقبلين على الزواج، لانه يؤثر على الجنين والحيوانات المنوية. ولفت محمدي إلى وجود اجراءات وقائية بسيطة تقلّل الإصابة بسرطانات اخرى، مثل سرطان المعدة، تتضمن غسل اليدين جيداً قبل الأكل تجنباً للإصابة بالميكروب الحلزوني الذي يسبّب التهاباً مزمناً في المعدة، ما يمهّد لظهور السرطان فيها. وأخيراً، أشار محمدي إلى أن التدخين يزيد من احتمال الإصابة بسرطان الرئة، كحال فيروسي «بي» و «سي» مع سرطان الكبد والبلهارسيا مع سرطان المثانة، مُعرباً عن قناعته بأن السرطان ما زال لغزاً لا يعرف العلم من أسبابه سوى القليل.