خيّمت المخاوف من احتمال نشوب «حرب تجارية» عالمية، بعد فرض رسوم انتقامية بين الولاياتالمتحدة والصين، على «ملتقى الاستثمار السنوي» الذي انطلق في دبي أمس، بمشاركة 41 وزيراً ومسؤولاً في مؤسسات عالمية وأكثر من ألفي مستثمر من 141 دولة، لمناقشة التحديات التي يشهدها تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر العابر للحدود، في ضوء السياسة الحمائية التي بدأت تفرضها بعض الدول الكبرى والتوتر الجيوسياسي وتراجع أسعار النفط. ولم يخف مشاركون في الملتقى، الذي حضره نائب رئيس دولة الأمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قلقهم من أن تؤدي الحرب التجارية إلى عرقلة النمو العالمي، ما يفاقم تحديات قطاع الاستثمار الأجنبي المباشر العابر للحدود، لا سيما بعد أن عانت الأسواق من تداعيات حدّة التوترات التجارية بين الولاياتالمتحدة والصين، اللتين تتبعان مبدأ العين بالعين. وتباينت مستويات الأخطار في الأسواق على خلفية الرد الصيني على القرار الأميركي بفرض الرسوم التجارية، وصدور إشارات متضاربة من البيت الأبيض. وقال نائب المدير العام ل «منظمة التجارة العالمية» يونوف فريدريك آغا: «ارتفعت حدة التوترات التجارية والجيوسياسية والاستخدام المتزايد لتدابير تقيد التجارة بشكل حاد في الأشهر الأخيرة، ما قد يؤدي إلى تقويض النظرة الإيجابية العامة على النمو التجاري». وأشار خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى إلى أن «انتهاج السياسات الاقتصادية المغلقة، والغموض السياسي، ترفع مستوى الأخطار التي تهدد النمو، كما سيتضح في تقرير التجارة العالمية الذي سيصدر عن منظمة التجارة قريباً، وذلك بعد أن كانت التوقعات الصادرة عن صندوق النقد الدولي ترجح أن يبلغ النمو العالمي الحقيقي 3.9 في المئة خلال العام الحالي». وحذر التقرير من التوترات السياسية والتجارية، في حين سلط الضوء على نقاط الضعف في القطاع المالي، بما في ذلك رفع أسعار الفائدة وارتفاع أسعار الدين والأصول. أما بالنسبة إلى النمو المستدام، فأوصت «منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية» بالسياسات الهيكلية والضريبية الرامية إلى تحسين النمو الشامل للجميع. ولفت آغا إلى أن «التوقعات الخاصة بتعافي التجارة العالمية والإنتاج القائم على أسس اقتصادية إيجابية للعام الحالي وما بعده، تعتمد على استقرار البيئة التجارية، وهو أمر بدا أكثر هشاشة ويتأثر سلباً بسهولة، بسبب التوترات السياسية والخلافات التجارية». وقال: «على الدول الأعضاء استخدام النظام المتعدد الأطراف لحل خلافاتهم ومنع الضبابية الاقتصادية من تقويض النمو، كما تنشأ النزاعات التجارية حتماً بين الدول، ولكن تسوية هذه النزاعات يجب أن تكون من خلال عملية محايدة ومستندة إلى القواعد والشفافية، لمنعها من التصاعد». وأطلق محمد بن راشد منصة الإلكترونية للاستثمار الأجنبي المباشر، التي أنشأتها وزارة الاقتصاد الإماراتية خلال الجلسة الافتتاحية ل «ملتقى الاستثمار السنوي». واعتبر وزير الاقتصاد الإماراتي سعيد المنصوري المنصة «إنجازاً مهماً، إذ تساعد على تسهيل تسجيل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز موقع دولة الإمارات العربية كمركز عالمي للمستثمرين، كما تهدف إلى تسهيل الخدمات والإجراءات الحكومية المطلوبة من المستثمر». وتجنب الإشارة إلى التجاذب التجاري بين الولايات المتدة والصين، وقال: «نحن نجتمع هنا ولدينا بعض الأسباب لنبتهج، إذ يتحسن نمو الاقتصاد العالمي، وتبدو التوقعات إيجابية على المدى القصير، ونبشر بأن عامي 2018 و2019 سيشهدان تسارعاً في نمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.9 في المئة». وكان للتعافي في الاقتصاد في عدد من القطاعات الرئيسة مثل الاستثمار والتصنيع والتجارة، تأثير كبير على تعزيز أساسيات نمو الاقتصادي العالمي، وكان هذا الانتعاش أكثر وضوحاً في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، إذ بلغ متوسط تقديرات النمو لهذه الأسواق نحو 4.5 في المئة خلال العام الحالي، لكن على عكس الأرقام الاقتصادية الكلية العالمية الإيجابية، فإن التدفقات المالية الدولية تظهر صورة مختلفة في شكل كبير. وشار إلى أن «خريطة تدفقات الاستثمار العالمية، تظهر أن الدول النامية حافظت على معدلات مستقرة لجذب الاستثمار الأجنبي مقارنة بالعام الماضي، وتبقى آسيا النامية قوة اقتصادية هائلة على الساحة العالمية، واستعادت مكانتها باعتبارها أكبر منطقة تتلقى الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، متجاوزة الاتحاد الأوروبي وأميركا الشمالية». وأضاف: «لدينا أسباب كثيرة للتفاؤل، منها تحسن نمو الاقتصاد العالمي، لتبدو التوقعات إيجابية على المدى القصير»، مؤكداً أن «توقعات النمو العالمي تبقى غير مؤكدة على المدى الطويل. وبالنسبة لمنطقتنا، يستمر التوسع في نمو الناتج المحلي، خصوصاً مع إجراء إصلاحات اقتصادية للحفاظ على النمو وتحقيق التنوع الاقتصادي الذي تقوده إنتاجية الدولة». وتمتلك الإمارات اقتصاداً قوياً، يُتوقع أن ينمو 3.9 في المئة خلال العام الحالي، مدفوعاً بتزايد تدفقات الاستثمار ونمو في قطاعات السياحة والسفر وغيرها.