أصبحت المقاهي التراثية أحد أبرز معالم الجذب السياحي في منطقة الجوف التي يفضلها أبناء وزوار المنطقة لقضاء أوقاتهم فيها، اذ يغلب عليها طابع التراث القديم المعبر عنه: حوائط الطين، وأسقف السعف، وأبواب الخشب، محاطة بطبيعة تبرز منها أشجار النخيل الباسقة. وتقع هذه المقاهي في الأحياء القديمة التراثية بالجوف كحي الدرع وحي الضلع الأثريات التي تضم بيوتًا أثرية قديمة حافظت على موروث المنطقة مع دمجه بالحضارة العصرية في لوحات تراثية متنوعة أسهمت في جذب الكثير من الزوار لها من مختلف الأعمار. وتقدم هذه المقاهي - وفق تقرير لوكالة الأنباء السعودية (واس) - الأكلات الشعبية التي اشتهرت بها المنطقة، وواجب الضيافة من خبز الصاج، والشاي والقهوة العربية، وتمر حلوة الجوف، في حين أخذت تلك المقاهي مسميات لها طابع مألوف عند أهالي الجوف مثل: «ديوانية القلعة» بدومة الجندل بجوار مسجد عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وقلعة مارد، و«مجالس تعاليل» بحي الضلع بسكاكا بجوار قلعة زعبل. وجرى استثمار بعض هذه المقاهي حسبما أوضح المدير العام لفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة الجوف الدكتور جهز الشمري، إذ بين أنه تم استثمارها بطريقة مثالية حافظت على هوية الموقع وجعلت منه مقصداً للزوار ليعيشوا حياة قديمة اندثرت منذ سنين بين حوائط الطين وتحت القلعة القديمة، وأسقف النخيل. وأفاد أن الهيئة حرصت على ترميم هذه الأحياء منذ وقت مبكر وإعادة الحياة فيها، اذ رممت حي الدرع وحي الضلع، ودعمت استثمار هذه المواقع وتطويرها، وهناك العديد من البرامج الاستثمارية التي تدعمها الهيئة وترحب بالمستثمرين لتطوير وتنشيط القطاع السياحي بالمنطقة. ويعود عمر البيت الذي استثمرت فيه «ديوانية القلعة» إلى أكثر من 150 عاماً، وتقع ضمن بيت النصار الذي عملت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بمنطقة الجوف على ترميمه وتقديمه لأحد المستثمرين من محافظة دومة الجندل، وتشهد الديوانية إقبالاً كبيراً من الزوار والسياح. وسجلت الديوانية نجاحا بجذب الزوار للموقع حيث وجدوا من خلالها متنفساً للعيش في موروث منطقة الجوف من الزمن الجميل يتناول زوارها إفطارا شعبيا يحوي «خبز الصاج» وزيتون الجوف، كما تضم الديوانية قسماً للشباب وآخر للعائلات في جلسات صممت على الطراز العمراني الأثري للمنطقة. وفي السياق ذاته، بين مستثمر الديوانية صالح الخابور، أن الديوانية تقدم القهوة العربية والشاي بأنواعه، وتقدم في الصباح فطور زمان بأقدم مكان مع خبز الصاج في جلسات مطلة على المعالم الاثرية، مقدما الشكر لفرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالمنطقة على الدعم الذي تلقاه. أما مجلس تعاليل بحي الضلع الأثري بسكاكا، فهو من أحياء البيوت المتلاصقة أسفل التل الذي يقوم عليه حصن زعبل القديم، وشيد الحي من الطين والحجارة وجذوع الأثل، ويتألف بعضها من طابقين ويتخلله عدة أزقة بعضها مغطى بسعف النخيل وأغصان الأثل وجذوعه، وتقدر مساحة هذا الحي بنحو 20.000 متر مربع. ويشكل الحي نسيجا سياحيا لتكامله المعماري مع حصن زعبل وإمكان ربطه سياحياً بموقع بئر سيسرا التاريخي لقربه، إضافة إلى أن مبانيه تمثل الطراز المعماري الذي كان سائداً في منطقة الجوف في تلك الفترة. وصمم مجلس تعاليل على نمط تراثي وطابع معماري يتناسب مع طابع الحي التراثي، ويحوي مجلس يحاكي حي الضلع الأثري على مساحات مفتوحة تعلوه قلعة زعبل الشامخة منذ قرابة 200 عام، يتوسطه بئر صالح التي أعيد ترميم بعض جدرانه، حيث كان يستخدم قديما من أهالي الحي للشرب ولري مزارعهم. واتسمت مرافق المقهى المستوحاة من التراث المنطقة بأسماء تاريخية مستوحاة من تاريخ منطقة الجوف الزاخر بالتراث والآثار، التي لا يزال معظمها شاخصا يحكي عقودا من الأزمنة، فيما تعد القهوة العربية المشروب الأشهر في المجلس، الذي يمتاز بفناء فسيح بجلسات شعبية ومجالس مبنية من الطين تزينها القطع الأثرية وبعض أدوات الطبخ كالنحاسيات والفخار. وذكر مستثمر المقهى عبدالحكيم السهيان أنه المقهى يستقبل زوارة بالمشروبات الساخنة والباردة وقطع الحلوى والوجبات الخفيفة في جلسات تنوعت بين الأرضية والمرتفعة مع وجود أماكن مخصصة للعائلات، ويستقبل المقهى الزوار من الجنسين.