جدّد رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي في اليوم الأول لدخوله السراي الكبيرة بعد نيل حكومته الثقة، تأكيده ان حكومته «لن تكون حكومة تحد ولا مواجهة عبثية لا مع الداخل ولا مع الخارج، وهدفها مصلحة لبنان وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه وكرامته، وراحة اللبنانيين، وأمنهم واستقرارهم وعيشهم الكريم، وستواجه فقط كل من يقف في طريق تحقيق هذه الاهداف التي يجمع اللبنانيون عليها». واستقبل ميقاتي في السراي الكبيرة بمراسم رسمية وفق التشريفات الخاصة برئيس الحكومة، والتقى موظفي رئاسة مجلس الوزراء، وحضّهم على «التعاون وأن نكون يداً واحدة لخدمة وطننا والتعويض عن الفرص الكثيرة التي أضعناها بالعمل المكثف، لما فيه خير المواطن وحقه في الرفاهية والراحة والعيش الكريم». ولفت الى ان مناقشات جلسات الثقة «شهدت تركيزاً على الشأن السياسي في حين أن الشأن الاجتماعي لا يقل أهمية عن الشؤون السياسية التي تتطلب حواراً بين اللبنانيين وتوافقاً، قد يأخذان وقتاً، لذلك لا بد من النظر في ما يريده اللبنانيون، من المياه والكهرباء والطرق والاتصالات، والمدارس والجامعات، والبدء بورش العمل في الوزارات لتقديم حلول عملية تدرسها الحكومة، وتتخذ في شأنها القرارات الحاسمة. واذا تطلب الامر إصدار تشريعات فإن الحكومة ستتوجه الى المجلس النيابي وستلقى منه كل دعم وتعاون، وفق ما أكده مراراً رئيس المجلس نبيه بري». واشار الى ان الاولوية ل»ملء الشواغر بالكفاءات المطلوبة بعيداً من أي كيدية أو انتقام، كما التزمنا امام اللبنانيين وممثليهم، وصولاً الى تفعيل دور أجهزة الرقابة. وفي خط مواز سنولي الشأن الاقتصادي عناية كبرى وانني واثق بأن تجاوب المعنيين سيكون مضموناً في الموالاة والمعارضة، لاأننا معاً في مركب واحد». واعتبر ميقاتي ان «المواقف التي سمعناها في المجلس النيابي والتي نتابعها عبر وسائل الاعلام، عكست توجهات علينا أن نأخذ منها ما يفيدنا ويخدم لبنان واللبنانيين. نرحب بكل معارضة بناءة وموضوعية، لا بل أكثر فانني أدعو الى تعاون بين الموالين والمعارضين لمصلحة الوطن». وجدّد التأكيد ان «يده ممدودة الى الجميع، في المعارضة قبل الموالاة، من أجل طيّ صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة من التعاون، كل في موقعه، من أجل منعة لبنان وهناء اللبنانيين». وأدى ميقاتي صلاة الجمعة في مسجد السلام في منطقة فردان حيث أمّ المصلين مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. وكان ميقاتي أقام مساء اول من امس، عشاء تكريمياً في السراي لاتحاد المحامين العرب لمناسبة إفتتاح دورته الأولى في مقر نقابة المحامين في طرابلس في حضور وزراء ونواب ورئيس إتحاد المحامين العرب نقيب المحامين في مصر حمدي خليفة، ونقابيين وشخصيات. وألقى ميقاتي كلمة اعتبر فيها «إنعقاد مؤتمر الاتحاد في ارض لبنان وعاصمته الثانية طرابلس، دليلاً على مقدار محبتكم للبنان وحرصكم على المشاركة في تعزيز خيار الأمن والاستقرار والعدالة فيه، هذا الثلاثي الذي يشكل خلاص لبنان وديمومته»، واصفاً طرابلس بأنها «عنوان مشرق للاعتدال والوسطية، وموئل للحرية والكرامة، وميدان لاحترام الانسان والدفاع عن وجوده وكرامة عيشه». وتوقف عند اختيار المؤتمرين «الربيع العربي» عنوانا للقائهم، ودعا الى «قراءة هادئة لما يجري، وتقويم موضوعي لمعادلة الربح والخسارة، لأن ماذا ينفع ان نربح تغييراً ونخسر اوطاناً». وحضّ المحامين على ان يكونوا «الصوت القانوني الهادر، فتتوكلوا نيابة عن الامة العربية في الدفاع عن الحق والكرامة، وكشف كل المحاولات الخارجية لتفريق الصف واضعافه». وقال: «إن التحرك الذي ينطلق من «الربيع العربي» لا يجب أن ينسي القائمين عليه أننا أمة تواجه اطماع عدو اسرائيلي يتلطى خلف اقنعة كثيرة تخفي هويته الحقيقية، هوية القمع والظلم والبطش وصراع الحضارات والهروب من القوانين الدولية والانسانية واللجوء الى القوة. لذا وجب عليكم ان تنزعوا هذه الاقنعة وتسقطوها». ووصف لبنان بأنه «النموذج العربي الحي لتضافر الارادة الوطنية الجامعة التي حررت الارض من الاحتلال الاسرائيلي وحفظت السيادة وصانت الاستقلال. وهذه الانجازات نتيجة طبيعية للموقف الواحد والمتضامن الذي يبدو اليوم مستهدفاً من خلال جملة مخططات ستواجهها حكومتنا بعزم أكيد وصلابة لا تهون، وتصميم على جمع كلمة اللبنانيين ومنع تشرذمهم وضياعهم». ورأى ان التحديات التي أثارها المؤتمر كان لبنان مسرح مواجهة لها وانتصر، فهو حوّل الطائفية من سببٍ للخلاف، الى نقطة التقاء في وطن تعددت فيه الطوائف وصارت مصدر غنى وليس مبعث نقمة. والتقسيم الذي حذرتم من مخططاتٍ لفرضه، تجاوزه لبنان في موقف جامع في ميثاق الوفاق الوطني في الطائف رفع فيه لاءات ثلاث: لا تجزئة، لا تقسيم، ولا توطين، والتدخل الخارجي الذي تتخوفون من تداعياته، تمكن لبنان من الحد من تأثيره من خلال التشديد على الارادة الوطنية الواحدة التي أنتجت في مرات عدة، قراراً وطنياً مستقلاً، كل هذه الثمار نضجت بفضل اعتماد لبنان على سلاح الحق والارادة والعزم، وهو السلاح نفسه الذي تتمتعون به في مواجهة كل قضية تتولون الدفاع عنها». وقال ميقاتي: «أُريد للبنان، يوم اغتيل الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، أن تنهار وحدته، ويتقاتل ابناؤه من جديد، الا ان اللبنانيين واجهوا هذا المخطط الاجرامي بالمزيد من التضامن، والتمسك بأن إحقاق الحق والعدالة ومحاسبة المجرمين والمخططين والمنفذين هو مطلب لبناني إجماعي وتضامنَ المجتمع الدولي مع سعي لبنان لمعرفة الحقيقة، فكانت قرارات دولية يلتزمها لبنان، وكانت محكمة دولية خاصة ستنظر في ملف الجريمة وسط متابعة لبنانية لئلا تخرج هذه المحكمة عن مسارها. واليوم مع صدور القرار الاتهامي، فإننا نجدد تأكيد ان لن يكون هناك أي تفريط بدماء الشهداء ولن يكون هناك أي تراجع عن تحقيق العدالة وسنحفظ استقرارنا ومسيرة سلمنا الاهلي، وسنحرص على أفضل علاقة مع المجتمع الدولي». وشدد على ان لبنان سيبقى «نصيراً للقضايا العربية المحقة ومدافعاً عن العدالة والحق والكرامة وأميناً على دور مميز سيلعبه في محيطه والعالم وستشهدون في الآتي من الايام، تحقيق انجازات يتشارك اللبنانيون فيها ولن تميز بين موالٍ ومعارض، لأن الحكومة التي لي شرف رئاستها ستعمل لكل لبنان ولجميع اللبنانيين، وستثبت ان لا مكان فيها لحقدٍ او كيدية ٍاو انتقام». ونبّه الى «ان هناك خيطاً رفيعاً يفصل بين الحماسة للتغيير الواعد، والفوضى المدمرة»، محذراً من «قطع هذا الخيط فتضيع اذ ذاك الآمال وتتبدد الاحلام».