لم تعد خافية اليوم الرعاية التي توليها مملكة البحرين، بشخص وزيرة الثقافة الشيخة مي آل خليفة، للحفاظ على التراث الثقافي والطبيعي في العالم، إن من خلال دعمها اتفاق 1972 للتراث العالمي (اليونسكو) الذي تمثّل في مساندة برنامج التعاون في مناطق مختلفة من العالم، أو عبر إنشاء «المركز العربي الإقليمي للتراث العالمي» الذي يعمل تحت رعاية اليونسكو ويسعى مع الدول العربية إلى تطبيق هذا الاتفاق والعمل على تنفيذ قرارات اللجنة وتوصياتها. وآخر إنجازات الشيخة آل خليفة في هذا المجال كان إدخال مواقع عربية جديدة على قائمة اليونسكو للتراث العالمي خلال هذا العام، إلى جانب إصدارها حديثاً كتاباً ضخماً بعنوان «إرث الدول العربية العالمي» نتعرّف فيه بالنص والصورة على المواقع الثقافية والطبيعية العربية الستة والستين الموجودة على القائمة المذكورة. ووفقاً للمدير العام المساعد لقطاع الثقافة في اليونسكو، فرتنشيسكو باندارين، يأتي هذا الكتاب «ليسد ثغرة كبيرة في هذا الميدان من خلال قيامه بتوثيق التراث الاستثنائي الذي تتمتع به المنطقة العربية وترجمته لتاريخها العريق الذي تضرب جذوره في الأرض منذ آلاف السنين، فضلاً عن تقاليدها الثقافية القوية ولغتها المشتركة، ومن خلال استعراضه مجموعة من الصور الرائعة التي تم التقاطها خصيصاً ليضمها الكتاب بين دفّتيه». الكتاب أوصى بإعداده (باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية) مؤتمر الآثار في الدول العربية الذي عقدته «المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم» عام 2009 في الرياض بالتعاون مع المملكة العربية السعودية. وقدّمت هذه المنظمة خبرتها العلمية، بإشراف مديرة الثقافة فيها، ريتا عوض، لوضع نصوص الكتاب والتعليق على صوره باللغات الثلاث، مستفيدةً مما وجّهته إليها الدول العربية من تقارير في هذا الشأن. وقد أُنجِز الكتاب على أكمل وجه من الدقة واقتصاد العبارة وأناقتها في عرض المادة العلمية، ومن جمال الصورة والإخراج الفني. وفي مقدمته للكتاب، يذكّر المدير العام لهذه المنظمة، محمد العزيز بن عاشور بأن «التراث يمثّل حجر الزاوية في بناء الهوية الثقافية للشعوب وهو مقوّم أساسي في تشكيل الحضارة الإنسانية. فالتراث الثقافي القومي، وإن كان تعبيراً عما خطّته أمة ما في سجل تاريخها، وما احتضنته أرضها من إبداعات عبر العصور، هو مُلك للبشرية جمعاء. إنه تراث قومي وعالمي في الوقت ذاته؛ وجوده يغني الثقافة الإنسانية وفقدانه خسارة للعالم بأسره. كما أن التراث جسرٌ يصل الماضي بالحاضر ليُساهم في نحت معالم المستقبل، وهو السبيل لإقامة حوار ثقافي بنّاء بين الأمم مؤسَّس على الشعور بالانتماء إلى حضارة إنسانية غنية بتنوعها». المواقع العربية الجديدة التي أُدرجت على قائمة التراث العالمي هذا العام هي الآتية: أربعون قرية في شمال سورية، موقع وادي روم في الأردن، مواقع «عين» في الإمارات، ومواقع جزيرة مروي في السودان. أما المواقع العربية القديمة فتشمل معظم البلدان العربية.