إلى أختنا الفاضلة أمل البارقي تحية طيبة وبعد، أعلم يقيناً أيتها السيدة الفاضلة أنك ربما لم تفكري يوماً في قيادة السيارة، وربما لم تفكري يوماً في أن تعملي كاشيرة في أحد الأسواق السعودية، وربما لم يكن لديك أي اهتمام بقضايا كثيرة ملحة تعاني منها المرأة السعودية. وأعلم يقيناً أنك لست ناشطة في مجال حقوق النساء، ولم تسمعي يوماً بالاتفاقيات الدولية لحقوق النساء، ولا حتى بمنال الشريف، ولم تشاركي في «تويتر»، وليس لديك موقع على «فيسبوك»، وأن كل ما طلبته من مجتمع «الفضيلة» و»الإنسانية» أن تتمكني من حضن عيني ابنك المغدور، وأن تنصتي «ولو لمرة واحدة» لأسمك من فمه الرقيق. أعلم أنهم أشغلوك عن كل حقوقك بالمطاردة المتواصلة لعيني ابنك وأنفاسه ولمسات ابنتك وهمساتها التي حرمتِ منها. صدقيني لن تفكري في كل تلك الحقوق التي يفترض أن تولد معك وأن تلتصق بك من المهد إلى اللحد، بلا منة من أحد ولا كذب ولا تدليس. وأنا أؤكد أنك استمعت مثلنا إلى آلاف من الخطب والمواعظ، كلها مفاخرات عن وضع المرأة وتكريم المرأة، وسعادة المرأة، وأنك جوهرة مكنونة، ونحلة، وفستق، وكل الأوصاف التي تحسدك عليها نساء الإنس والجن. ولان أكثر معارضي حقوق المرأة من أولئك الذين استمعت لهم، هم أساطين البيانات وصانعو العرائض، والمفاكسون الأولون، وبعض الوعاظ، الذين «يناورون» بأهمية إعطاء المرأة حقها في الأمومة، والوصاية والإرث، قبل الخوض في مطالبات «يصورونها» على أنها تجميلية وتكميلية مثل القيادة أو العمل في الأسواق ومحلات اللانجري. لكنهم وللأسف الشديد عندما يغادرون أشرطتهم وبياناتهم ويعودون إلى مخيماتهم، لا يتذكرون من صرخاتهم عن حقوق المرأة إلا المسيار والمسفار، والزواج الصيفي والنهاري، إلى آخر أنواع إشباع الذكورة على حساب المرأة. ولأنك أيتها المواطنة الشريفة لم تجديهم كما كانوا يدعون، عندما كنت تتنقلين بقلب محروق ووجدان غارق في الألم، وعيون مغموسة في الدموع بين أقسام الشرطة ومكاتب القضاة، بحثاً عن عدالة تعيد ابنك إلى أحضانك قبل أن يقتل، وتحمي ابنتك من الحرق والضرب والتعذيب النفسي والجسدي. لأن هذه القضية هي بالضبط ما كان أولئك المناوئون لقضايا المرأة يختبئون وراءها، فلن تسمعي لهم رأياً مناصراً، ولن تري لهم تأليباً على المجتمع ولا تحريضاً على العدالة ولا تخويناً ولا عريضة ضد القاضي أو ضابط الشرطة الذين خذلوك ولم يهتموا بشكواك. فعن ماذا يدافعون وعن أي «جوهرة مكنونة» يتحدثون؟ وعن أي تكريم تحلم به نساء العالم أجمعين؟ إذا كنت لا تأخذين حقك في رعاية أبنائك ولا رؤيتهم ولا يسمح لك حتى بإكمال تقاضيك، وتهملين وتهمل أحلامك وآمالك في مجرد رؤيتك لأطفالك. هل هذا هو التكريم الذي «دوّشنا» به العالم للمرأة؟ هل هذا هو التكريم الذي نحاجج به ونجادل ليل نهار الذين يتهموننا «بامتهان» النساء والتحقير منهن ومن قضاياهن؟ إذاً أنت محسودة على حياتك وموتك أيتها «الجوهرة المكنونة». [email protected]