حض وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الفرقاء اللبنانيين على التعامل بعقلانية وحكمة مع قرار المحكمة الدولية في قضية اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري. وقال رداً على سؤال ل«الحياة»: «إن إعلان المملكة في وقت سابق رفع يدها عما يحدث في الساحة اللبنانية جاء لأن المملكة رأت تعقيداً للوضع، بدا كأنه يناور على جعل الوساطة الخارجية مدعاة لأعمال غير مقبولة داخلياً، والآن وبعد صدور القرار من المحكمة الدولية نتمنى من اللبنانيين أن يسعوا لتحقيق العدالة وتحكيم العقل، وألا تترك الحادثة إعادة عدم الاستقرار في لبنان، خصوصاً أن الأطراف التي ترفض المحكمة كانت مؤيدةً للتعاون معها في وقت سابق، ووقعت على ذلك». وأكد الأمير سعود الفيصل أن هدف وجود القوات السعودية في البحرين هو حفظ الأمن والاستقرار، وليس التدخل في شؤون البحرين الداخلية، وأن القوات السعودية ستنسحب بمجرد عودة الهدوء والاستقرار. وأوضح خلال مؤتمر صحافي عقده في جدة أمس (الثلثاء) مع نظيره البريطاني وليام هيغ أن السعودية مستعدة لحوار مثمر مع الجانب الإيراني إذا كانت لدى الإيرانيين الرغبة في الحوار، وقال إن المبادرة الخليجية لمعالجة الوضع في اليمن لا تزال قائمة بناء على رغبة الطرفين، الحكومة والمعارضة في اليمن. وأعرب سعود الفيصل عن أمله بوقف سقوط ضحايا من المدنيين جراء الأحداث التي تشهدها دول عربية في الوقت الحالي، مؤكداً حرص السعودية على عدم التدخل في الشأن الداخلي لأي دولة. وأوضح أن المبادرة الخليجية لا تزال قائمة برغبة من الجانب اليمني، وأن دول الخليج تسعى للاستفسار عن مدى رغبة الطرفين في تنفيذ المبادرة، موضحاً أن كلا الطرفين وضع بعض الأفكار، وإذا حدث تقدم فإن دول الخليج ستواصل العمل. وحول صحة الرئيس اليمني علي عبدالله صالح الذي يتلقى العلاج في السعودية حالياً، قال سعود الفيصل إن صحته جيدة بشكل عام، وإنه من المقرر أن يظهر تلفزيونياً كما أعلن في السابق. ونفى الفيصل رداً على سؤال ل«الحياة» ما تردد عن استضافة السعودية لأسرة زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن. وقال إن عائلة ابن لادن كبيرة ولا تقتصر على أسرة أسامة فقط، وان البقية من أفراد تلك العائلة يعيشون مكرمين في بلدهم. ودعا سعود الفيصل المجتمع الدولي إلى العمل من أجل استئناف عملية السلام في الشرق الأوسط، بغية الوصول لسلام يؤدي لإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وفي الشأن الإيراني، أوضح أنه كانت هناك سلسلة من المحادثات بدأها مع إيران، وتحولت بعد ذلك لمحادثات مع وزير الخارجية السابق منوشهر متكي وقال: «كان هناك برنامج لزيارة متكي للمملكة، وأن السعودية وضعت نقاطاً وطلبت حلها، ولكن لم يتم حل تلك النقاط ولم يتم الاجتماع، وعندما جاء وزير الخارجية الجديد علي أكبر صالحي اتصل بالجانب السعودي من باكستان، وأبدى رغبة في استمرار الحوار، وعرض عقد اجتماع ثلاثي في الكويت، ولكني تحفظت وقلت له إنه لا داعي لتحميل الكويت وزر خلافاتنا، وفضلت بحث المشكلات سوياً بعضنا مع بعض». وأوضح الوزير السعودي أن لمجلس التعاون الخليجي استراتيجيةً في التعامل مع إيران وقال: «إيران دولة كبيرة وجارة، ولا شك في أن لها دوراً في المنطقة، ولكن هذا الدور يجب أن يكون له إطار يراعي مصالح الدول الخليجية حتى يكون مقبولاً، وإنه إذا أرادت إيران أن تمارس دور دولة قائدة للمنطقة فعليها مراعاة مصالح دول المنطقة». ورحب بانطلاق الحوار الوطني الشامل بين أبناء البحرين كافة، بناءً على دعوة العاهل البحريني، وتشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الأحداث التي شهدتها، مع التنويه بمسيرة الإصلاح والتطوير الجادة القائمة بها، ورفض أي تدخل أو مغامرات خارجية في شأن البحرين، أو أي محاولات للعبث بأمن دول الخليج أو إثارة الفتن بها. وأكد هيغ دعم بريطانيا لمبادرة مجلس التعاون الخليجي في اليمن، وأعرب عن أمله بأن يكلل الحوار الوطني الذي انطلق في البحرين بالنجاح، ودعا النظام السوري لوقف العنف، وتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها بسرعة وحسم. وأشار هيغ إلى أن التغييرات التي يشهدها الشرق الأوسط حالياً تجعل من عملية التوصل لاتفاق سلام أمراً أكثر إلحاحاً، وأنه يجب أن يُظهر قادة دولة المنطقة رغبة جدية في مفاوضات ذات مغزى، وشدّد على دعم بلاده للمبادرة العربية للسلام التي طرحها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ورفض هيغ إطلاق حكم الفشل على عمليات حلف الناتو في ليبيا، وقال إن العمليات متواصلة بالضغط عسكرياًَ وديبلوماسياً واقتصادياً على نظام القذافي، وأن توقفها مرهون باستجابته إلى دعوات وقف إطلاق النار، والتخلي عن الحكم.