بلغت «الحرب الديبلوماسية» بين روسيا والغرب مستوى لم تشهده خلال أوجّ الحرب الباردة، إذ طردت موسكو 59 ديبلوماسياً من 23 دولة، كانت اتخذت تدابير مشابهة في حق ديبلوماسيين روس، تضامناً مع لندن بعد تسميم الجاسوس المزدوج الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته. واحتفظت موسكو ب «حقها» في إبعاد ديبلوماسيين من 4 دول أخرى، وأمرت بريطانيا بتقليص إضافي لعدد موظفي سفارتها. وأعلنت باريس مساء أمس أن روسيا قررت طرد 4 ديبلوماسيين فرنسيين. أتى تصعيد موسكو بعد يوم على طردها 60 ديبلوماسياً أميركياً، وإغلاقها قنصلية الولاياتالمتحدة في سان بطرسبورغ، اثر إبعاد واشنطن عدداً مشابهاً من الديبلوماسيين الروس، اعتُبروا «جواسيس»، وإغلاقها القنصلية الروسية في سياتل. واتهمت الخارجية الروسية أجهزة الاستخبارات الأميركية بمحاولة تجنيد الديبلوماسيين الروس المطرودين، متحدثة عن «زيادة حادة في الممارسات الاستفزازية ضدهم». وأضافت أن تلك الأجهزة انخرطت في «جهود محمومة» لتقديم عروض للتعاون إلى الديبلوماسيين المطرودين، مشيرة إلى خطوات «مثيرة للاشمئزاز»، ومؤكدة فشلها. وكانت الولاياتالمتحدة ونحو 25 دولة، إضافة إلى الحلف الأطلسي، طردت اكثر من 150 ديبلوماسياً روسياً قبل أيام. واستدعت الخارجية الروسية أمس سفراء 23 دولة، وأبلغتهم طرد عدد مشابه للديبلوماسيين الروس المطرودين من تلك البلدان. والدول المعنية هي استراليا وألبانيا وألمانيا والدنمارك وإرلندا وإسبانيا وإيطاليا وكندا ولاتفيا وليتوانيا ومقدونيا ومولدوفا وهولندا والنروج وبولندا ورومانيا وأوكرانيا وفنلندا وفرنسا وكرواتيا وتشيخيا والسويد وإستونيا. وأعلنت الخارجية الروسية أنها «تحتفظ بحق الردّ» على طرد ديبلوماسيّيها، من بلجيكا وهنغاريا وجورجيا ومونتينيغرو التي «قررت في اللحظة الأخيرة اتخاذ هذه الخطوة». وصعّدت الخارجية الروسية ردها على لندن، إذ أمهلتها شهراً لتقليص عدد ديبلوماسيّيها، في سفارتها والقنصليات العامة لدى روسيا، ليصبح «مساوياً لعدد الديبلوماسيين والفنيين والإداريين الروس في المملكة المتحدة». كما استدعت السفير البريطاني في موسكو لوري بريستو، وسلّمته مذكرة احتجاج على ممارسات «استفزازية وغير مبررة» اتخذتها المملكة المتحدة. وكانت لندن طردت 23 ديبلوماسياً روسياً، فردت موسكو بطرد عدد مشابه من الديبلوماسيين البريطانيين، وأمرت بإغلاق المجلس الثقافي البريطاني والقنصلية البريطانية في سان بطرسبورغ. وتزامن الردّ الروسي مع اجتماع للأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي، حضره الرئيس فلاديمير بوتين. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إن الاجتماع ناقش التدابير المُتخذة في هذا الصدد، مستدركاً أن بوتين «يبقى مؤيداً لتطوير علاقات جيدة مع كل الدول، بما فيها الولاياتالمتحدة». وعلّق على قول ناطقة باسم الخارجية الأميركية إن «لا مبرر لردّ الفعل الروسي»، قائلاً: «لسنا مع هذا التقويم. ليست روسيا مَن بدأ حرباً ديبلوماسية، ولا مَن دفع إلى تبادل عقوبات أو تبادل طرد ديبلوماسيين. روسيا أُرغمت على اتخاذ تدابير انتقامية، رداً على خطوات غير ودية وغير مشروعة». وذكر بيسكوف أن موسكو «تأمل بتحقيق موضوعي ومحايد»، فيما أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف أن بلاده طلبت الدعوة إلى «اجتماع طارئ» للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. إلى ذلك، أعلن الكرملين أنه يدرس قراراً اتخذته شركات تأمين خدمة شبكات التلفزة المدفوعة (الكابل) والخدمات التلفزيونية الرقمية في الولاياتالمتحدة، بوقف بثّ قناة «روسيا اليوم» في واشنطن، معتبراً الخطوة غير قانونية وتمييزية.