صادق 13 مليون ناخب مغربي على إقرار دستور جديد للمغرب خلال استفتاء أول من أمس. وأشار محللون إلى أن الدستور الجديد وهو السادس منذ عام 1962 يفتح الباب أمام إصلاحات سياسية واقتصادية وحقوقية. ويضمن الدستور المغربي تطبيق العدالة ودولة القانون في المجال الاقتصادي القائم على اقتصاد السوق الاجتماعي «الليبرالية الاقتصادية»، وحق الملكية والمبادرة الحرة وحرية المنافسة، ومنع تضارب المصالح، واعتماد النزاهة ومحاربة الفساد ومعاقبة كل انحراف في تدبير الأموال العامة والرشوة واستغلال النفوذ، ويراقب المجلس الأعلى للحسابات المالية العامة. وتضمن الدولة حرية المبادرة وإنشاء الشركات والتنافس الحر، وتعمل على تحقيق تنمية بشرية مستدامة من شأنها تعزيز العدالة الاجتماعية والحفاظ على الثروات الطبيعية والوطنية، وحقوق الأجيال المقبلة، في إطار تكافؤ الفرص للجميع والرعاية الخاصة للفئات الاجتماعية الأقل حظاً. ويعاقب القانون على استغلال النفوذ والامتيازات والاحتكار والهيمنة وبقية الممارسات المخالفة لمبادئ المنافسة الحرة والمشروعة في العلاقات الاقتصادية. وينص على المساواة في الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للرجال والنساء. ويصف المراقبون التعديلات الدستورية في المغرب التي تضم 180 فصلاً، بأنها الأكثر جرأة ضمن حراك الربيع العربي الذي تشهده دول في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ويقع كصيغة وسطى بين الملكية التنفيذية والملكية البرلمانية. ولفت ديبلوماسيون إلى أن الرباط ستستفيد من قوانينها الجديدة في تقوية دورها الإقليمي وجلب مزيد من الاستثمارات والتدفقات المالية والمساعدات الأجنبية، وتحسين صورتها كدولة عصرية ديموقراطية تحترم الحقوق والقوانين الدولية وتضعها فوق قوانينها المحلية، في وقت تشهد دول أخرى في جنوب البحر الأبيض المتوسط صعوبات سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعية نتيجة الحراك العربي. ويتطلع المغرب الى زيادة ثلاث نقاط في الناتج الإجمالي من تطبيق الإصلاحات الجديدة، التي تشمل تحسين مناخ الأعمال وتوسيع الحوكمة الجيدة في تدبير الصفقات العمومية ونفقات الإدارات والشركات الكبرى، التي لم تكن تخضع لمراقبة كافية في صرف الأموال العامة. كما تستفيد الرباط من اعتماد «الجهوية الموسعة» (نظام المحافظات)، ما سيعزز القدرات الذاتية للأقاليم المغربية، ويمنحها فرصاً جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفك العزلة عنها. وتساهم ثلاث جهات في المغرب بأكثر من نصف الناتج الإجمالي المقدر ب 110 بلايين دولار في نهاية العام الحالي. ويحتاج المغرب إلى نمو يقرب من 7 في المئة لمعالجة مشكلة التنمية وبطالة الشباب والصعوبات الاجتماعية، التي تمس ربع السكان خصوصاً في الأرياف والمناطق النائية، التي لم تستفد كفاية من حجم النمو والاستثمارات العامة. كما تراهن الرباط على الدعم الخارجي من حلفائها التقليديين في الغرب والخليج العربي. وكانت دول ومنظمات دولية مثل الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدةوالولاياتالمتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا والجامعة العربية، أشادت بالإصلاحات التي اعتمدها المغرب في الدستور الجديد، وما يتيحه من مجالات للتقدم والارتقاء والممارسة الديموقراطية في منطقة قريبة من أوروبا، يربطها اتفاق الشراكة والوضع المتقدم وهي صيغة وسطى بين الانضمام الكامل والتعاون المتميز مع الاتحاد الأوروبي. كما وقع المغرب اتفاقات للتبادل التجاري مع الولاياتالمتحدة وتركيا ودول إعلان «أغادير» العربية وأميركا اللاتينية وأفريقيا جنوب الصحراء، حيث استثمرت الرباط أكثر من بليون دولار في السنوات الأخيرة لتعزيز نفوذها في دول الساحل الأفريقي.