في وقت بدأت الاتصالات السياسية حول التحالفات الممكنة لتشكيل الحكومة الجديدة في المغرب، حرص «حزب العدالة والتنمية» (الإسلامي) الفائز في الانتخابات التشريعية على طمأنة رجال الأعمال والمستثمرين، المحليين والأجانب، والخبراء الاقتصاديين والدبلوماسيين الغربيين والبعثات الثقافية الأجنبية، على «استمرار النهج الانفتاحي للمغرب» والرغبة في «تطوير العلاقات الاقتصادية» مع الشركاء الأوروبيين والأميركيين في إطار توازن المصالح. وأعلن أمينه العام عبد الإله بن كيران المرشح لرئاسة الحكومة المقبلة، في تصريح إلى «الحياة»، أن الحزب يعي أن المغرب حليف قوي للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في مجالات عدة وقال: «نحن سنعمل في هذا الاتجاه ولن نغير شيئاً في تلك العلاقات، بل سنعززها، لكننا سنعمل في إطار الجوار العربي والإفريقي والإسلامي». ولدى الرباط وضع متقدم داخل الاتحاد الأوروبي، وهي صيغة تقل عن العضوية الكاملة وتتجاوز الشراكة الاقتصادية، كما يملك المغرب صفة «شريك متميّز» داخل حلف شمال الأطلسي. وينصّ الدستور الجديد في المغرب على أن تُسند رئاسة الحكومة إلى الحزب الفائز في الانتخابات النيابية. إلى ذلك، اعتبر القيادي في «العدالة والتنمية»، الحسن الداودي، أن الأولوية في المرحلة المقبلة تتجه نحو محاربة الفساد الاقتصادي والمالي، وتذليل الصعاب أمام المستثمرين وإضفاء الحوكمة الجيّدة إلى أداء الإدارة المغربية، والاهتمام بالقضايا الاجتماعية كالصحّة والتعليم والسكن والعمل، وبحث معالجة عجز «صندوق التقاعد» وإعادة النظر في كلفة «صندوق المقاصة» لدعم المواد الأساسية، المقدرة بنحو 47 بليون درهم مغربي (6 بلايين دولار) سنوياً. ويسعى الحزب الذي حاز 107 مقاعد من أصل 395 في مجلس النواب الجديد إلى بلوغ نسبة نمو تقدر ب7 في المئة من الناتج الإجمالي للبلد، وعجز في الموازنة لا يتجاوز 3 في المئة، مع إمكان زيادة الدخل الفردي بنسبة 40 في المئة وجعل المغرب ضمن 60 دولة الأكثر استقطاباً للاستثمارات الأجنبية المباشرة، والعمل لخفض الضرائب على الشركات من 30 إلى 25 في المئة، وتخفيف العبء الجبائي على الفئات الصغيرة، وتشجيع الشركات المتوسطة، وفرض ضرائب على الكماليات بمعدل 30 في المئة، وتحسين أجور العاملين وزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 3 آلاف درهم مغربي (370 دولاراً)، وتقليص معدل الفقر والأمية وتحسين خدمات القطاعات الاجتماعية، على رأسها الصحّة والتعليم والسكن. وشككت أحزاب أخرى لم تحصل على الأغلبية النيابية كما كان متوقعاً، ك «الاتحاد من اجل الديموقراطية»، في قدرة «حزب العدالة والتنمية» على تحقيق الوعود التي قدمها للناخبين. وأعلن رئيسه، وزير المال صلاح الدين مزوار في تصريح إلى «الحياة» أن التحديات التي ستواجه الحكومة المقبلة كبيرة، وهي تحتاج إلى تمويل ضخم في وقت تواجه الاقتصادات الأوروبية ظروفاً غير مساعدة، في إشارة إلى احتمال تراجع الاستثمارات والمساعدات الأوروبية نحو دول جنوب البحر الأبيض المتوسط. ويراهن «حزب العدالة والتنمية» على شريكه المحتمل في الحكومة «حزب الاستقلال» الذي حل ثانياً ب 60 مقعداً وقاد الحكومة السابقة، وهو مشارك في حكومات متعاقبة منذ 1956 وله تجربة في تدبير الشأن المالي والاقتصادي والاستثماري عبر وزارات خدمية أساسية.