تترقب مدينة دوما في الغوطة الشرقية مصيرها، فيما تتواصل المفاوضات بين روسيا و»جيش الإسلام» على اتفاق «مصالحة» يتضمن إجلاء مسلحي التنظيم وعائلاتهم، أو مواجهة عملية عسكرية «ضخمة» يشنّها النظام السوري على المدينة. وأفادت وكالة «روسيا اليوم» أمس بأن الأطراف المتفاوضة في دوما تمكنت من التوصل إلى «صيغة أولية» للاتفاق المقبل. وذكرت أن قيادة «جيش الإسلام» طلبت أثناء المفاوضات السماح لمسلحيها بالانسحاب إلى منطقة القلمون عند الحدود السورية - اللبنانية، أو إلى محافظة درعا جنوب البلاد، مع احتمال تسوية أوضاع عشرات المسلحين للبقاء في دوما بعد عودة مؤسسات الحكومة إليها. وأكدت أن من غير المرجح أن يلجأ الطرفان إلى السيناريو العسكري في خصوص المدينة، بسبب وجود آلاف المخطوفين المحتجزين من جنود الجيش السوري والمدنيين الموالين للحكومة، في معتقلات «جيش الإسلام»، وأكبرها سجن التوبة. وفيما تظاهر المئات في دوما أمس، مطالبين بالإطلاع على نتائج المفاوضات، وبإفراج «جيش الإسلام» عن المعتقلين لديه، تواصل وسائل إعلام محسوبة على دمشق التلويح بقرب بدء الهجوم العسكري على المدينة المحاصرة. وقال مسؤول سوري لوكالة «رويترز» إن الوضع في دوما يمرّ بمرحلة مصيرية، مضيفاً أن اليومين المقبلين سيكونان «حاسمين». وأكد مصدر سوري من دوما في اتصال أجرته معه «الحياة»، أن المدينة «أمام تهديد روسي بهجوم على المدينة لتدميرها كلها»، مقدّراً عدد مقاتلي «جيش الإسلام» في المدينة بحوالي 10 آلاف عنصر. وأوضح أن جنرالاً روسياً يقود المفاوضات مع لجان مدنية، وأنها «لم تنتهِ بعد». وروى أن المجازر في المدينة «لا يمكن وصف وحشيتها، إذ أن الدفاع المدني اعتذر عن عدم مساعدة المصابين وعائلات المفقودين تحت الأنقاض لأن الطيران كان يقصف أي جسم متحرك»، مضيفاً: «ليس هناك إعلام في العالم يتمكن من نقل مشاعر الألم والحزن ازاء ما يجري من مجازر». ووصف مسؤول فرنسي متابع للملف السوري وضع «جيش الإسلام»، بأنه «بالغ الصعوبة»، مضيفاً ل «الحياة» أنه لو قرر الأخير مغادرة المنطقة، فسيرفض النظام السوري وروسيا توجه المسلحين إلى منطقة درعا الحدودية، علماً أن ليس بإمكان «جيش الإسلام» المغادرة إلى إدلب، باعتبارها وجهة الإجلاء المعهودة بالنسبة الى مقاتلي المعارضة، وذلك بسبب وجود «هيئة تحرير الشام» المناهضة له هناك. ورأى أن الجانب الروسي يفاوض لإخراج المجموعات المسلحة كافة من الغوطة، وليس فقط «جبهة النصرة» التي يقول الجانب الروسي إن عدد مسلحيها 1500، فيما هم في الواقع حوالي 400 عنصر. واعتبر المسؤول أن مشروع روسيا الحقيقي «هو إزالة اي مجموعة مقاومة في الغوطة بهدف إعادة سيطرة النظام بالكامل على المنطقة»، مضيفاً أن موسكو «لا تريد أي تدخل ديبلوماسي لوقف القتال والتوصل إلى حل». وتابع أن باريس «تحاور موسكو بعمق من دون أي نتيجة»، معتبراً أن روسيا تعتمد «منطق المواجهة والإنغلاق على النفس من دون أي استعداد لاعتماد نهج بعيد عن الحل العسكري». ولفت إلى أن الجانبين الأميركي والأوروبي يشعران ب»الحرج» لعدم تمكنهما من دفع الجانب الروسي إلى حل غير عسكري، وأضاف: «كأنهم (الروس) يريدون القول إن الحل عبرهم فقط، في حين أن الغرب يؤمن بأنه لا يمكن التوصل إلى حل في سورية من دون وفاق». وقالت المعارضة السورية، عضو «الهيئة العليا للمفاوضات» بسمة قضماني إنه في حال عدم وقف «الكارثة» فإن «الغوطة ستفرغ كلياً» من وجود المعارضة، معتبرة في تصريح ل»الحياة» أن «المخيف هو التهجير كونه ينطوي على عملية تغيير ديموغرافي ممنهج وصولاً إلى إدلب». ورأت أن عمليات الإجلاء المتواصلة في الغوطة تُمثل «شكلاً من أشكال التطهير للمعارضة السنية وليس فقط المعارضة السنية المسلّحة»، مضيفة أن «هدف النظام وإيران ليس إخراج الفصائل فحسب، بل أيضاً إحداث تغيير ديموغرافي وإنزال عقوبة جماعية بأهالي منطقة ثارت على النظام». ونقلت وكالة الإعلام الروسية أمس عن مصدر ديبلوماسي قوله إن وزير الخارجية سيرغي لافروف ومبعوث الأممالمتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا سيجريان محادثات في موسكو اليوم في شأن مستجدات الوضع في سورية. على صعيد آخر، لا يزال مصير مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي، معلقاً لحين حسم اتصالات تجريها روسيا مع تركيا من جهة، والنظام السوري وإيران والمقاتلين الأكراد من جهة أخرى، فيما أكد مجلس الأمن القومي التركي أمس أن أنقرة «ستتخذ الإجراءات اللازمة» إذا لم يتم إبعاد المقاتلين الأكراد من مدينة منبج. وفي ما خصّ تل رفعت، فإن دمشق وطهران و«قوات سورية الديموقراطية» (قسد)، ترفض اتفاقاً روسياً – تركياً لدخول القوات التركية إلى المنطقة، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الذي حذّر من اندلاع معارك بين «ميلشيات موالية لإيران» وفصائل «غصن الزيتون» إذا أرادت تعطيل أي اتفاق روسي – تركي متعلّق بالمنطقة.