شككت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر وتحفظت عن تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، التي أعلنت فيها استئناف الاتصالات مع الجماعة. لكن «الإخوان» شددوا على ضرورة أن يكون الحوار ندياً. وجاء هذا التطور في وقت تحبس مصر أنفاسها تحسباً لوقوع مواجهات جديدة اليوم بين الشرطة والمتظاهرين خلال «جمعة القصاص» التي دعت إليها 20 حركة وحزباً أمس «لمساندة أهالي الشهداء والمصابين في اعتصامهم، حتى يتم تنفيذ مطالبهم». وأمرت النيابة أمس بحبس 45 شخصاً لمدة 15 يوماً على ذمة تحقيقات تجرى معهم في اتهامات ب «الشغب، والتحريض على الشرطة، وإتلاف ممتلكات خاصة وعامة» بعد المواجهات التي أدت إلى سقوط أكثر من ألف جريح على مدى اليومين الماضيين. وكانت وكالة «رويترز» نقلت الأربعاء تصريحات عن مسؤول أميركي رفيع، أعلن فيها أن بلاده قررت استئناف الاتصالات الرسمية مع جماعة الإخوان، قبل أن تؤكد كلينتون أمس الخطوة، مع سعيها إلى التقليل من أهميتها، في محاولة لتهدئة أي انتقادات قد تَلُوح في الأفق داخل الإدارة، إذ أكدت أن أميركا ستُجري اتصالات «محدودة» مع جماعة الإخوان، مشيرة الى أن «من مصلحة واشنطن التعامل مع الأطراف الملتزمة بالأنشطة السياسية التي لا تتسم بالعنف». وقالت كلينتون خلال مؤتمر صحافي في بودابست: «نعتقد نظراً لتغير المشهد السياسي في مصر، أن من مصلحة الولاياتالمتحدة التعامل مع كل الأطراف السلميين الملتزمين باللاعنف، الذين يعتزمون التنافس في انتخابات البرلمان والرئاسة». وأبدى نائب مرشد الإخوان الدكتور رشاد البيومي، انفتاحَ جماعته إزاء الاتصالات مع الولاياتالمتحدة، لكنه شدد على «ضرورة أن يكون الحوار ندّياً»، وقال: «إن الإخوان أصحاب مشروع حضاري». ورهن إجراء لقاءات مع مسؤولين أميركيين بوجود مظلة حكومية وترتيبات من وزارة الخارجية. ولم يستبعد بيومي أن يكون الغرض من تصريحات المسؤولين الأميركيين «زرع روح الفرقة والانقسام بين القوى السياسية في مصر». وأكد نائب مرشد الإخوان ل «الحياة»، أن الجماعة «مستعدة للحوار مع أي دولة، حتى نردّ على ما يروجونه من افتراءات ومواجهتهم بالانتهاكات التي يرتكبونها في حق العرب». وأقر ب «حصول لقاءات مع نشطاء المجتمع المدني والمنظمات الأميركية، في محاولة من الإخوان لتغيير الصورة النمطية التي تربط بين القوى الإسلامية والإرهاب»، وقال: «في الوقت ذاته، نرفض فتح اتصالات مع المسؤولين في الإدارة الأميركية من دون حصول دعم حكومي وترتيبات من وزارة الخارجية المصرية»، مجدِّداً «الحرص على دعم النظام السياسي في مصر». وعلى رغم أن لقاءات علنية عُقدت بين ديبلوماسيين أميركيين ونواب الكتلة البرلمانية للإخوان في ظل نظام حسني مبارك، إلا أن تصريحات كلينتون هي الأولى من نوعها التي يتم فيها الإعلان عن اتصالات رسمية مع قادة الإخوان. ومثلت تلك الاتصالات واللقاءات دائماً إزعاجاً لأركان النظام السابق، وكثيراً ما استخدم آلته الإعلامية في شن هجوم على الإخوان المسلمين ونعْتِهم ب «الاستقواء بالخارج». لكن الجماعة كانت تردّ في حينه بأنها لقاءات بروتوكولية تتم خلال احتفالات رسمية يحضرها ممثلون عن القوى السياسية كافة وأعضاء في الحزب الوطني المنحل وأعضاء البرلمان. ورأى القيادي في الجماعة نائب رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسي للإخوان الدكتور عصام العريان، أنه إذا كانت التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الأميركية خطوة نحو مراجعة سياسات وإستراتيجيات واشنطن تجاه المنطقة تعتمد على احترام رغبات الشعوب وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية، فهي «خطوة جيدة ومرحَّب بها»، اما إذا كانت مجرد اعتراف بالأمر الواقع ومحاولةً للَّحاق بالركب، فهذا يعني «قِصَرَ نظر لدى الإدراة الأميركية». وأوضح العريان ل «الحياة»: «المنطقة على أبواب تغييرات، والشعوب أثبتت قدرتها على التغيير من دون تدخلات خارجية، وبالتالي فالظروف والتطوارت التي حدثت تهدد المصالح الأميركية بالخطر، فهي تسعى إلى مراجعة سياساتها في علاقتها مع المنطقة العربية». وأقر العريان بأن أميركا قوة عالمية، وانحيازها إلى دعم خطوات التغيير سيؤدي بالتبعية إلى ضمان التحول الديموقراطي في المنطقة، ونحن (الإخوان المسلمون) جزء من المشهد السياسي، كما أننا نسعى إلى محو الصورة السلبية التي أُلصقت بالإسلام.