استأنف فريق متخصص تابع لقطاع الآثار في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني أعمال التنقيب الأثري في موقع عشم الأثري الواقع غرب منطقة الباحة، واستكمال أعمال التنقيب التي نفذت في الموسم الأول، والتي تركزت في منطقة السوق التجاري في الموقع. ونتج عن أعمال الموسم الأول اكتشاف عناصر معمارية شملت جدران ودعامات ومساطب في بعض الغرف، إضافة إلى معثورات أثرية، منها الفخارية والزجاجية والمعدنية، وكذلك العثور على كسر من أواني فخارية وزجاجية تمثلت في أجزاء من حواف وأبدان وقواعد، وتم العثور على فخار مزجج بألوان مختلفة، وكذلك أجزاء من حجر صابوني يعود إلى الفترة الاسلامية المبكرة والوسيطة. ويستأنف الفريق أعماله في الموسم الثاني بالكشف عن العناصر المعمارية لمنطقة السوق التجاري، إضافة إلى التعرف على المسجد الجامع في عشم كونه من المساجد المبكرة في جنوب الجزير العربية، ويشمل حجر تأسيسي يشير إلى أن عمارته كانت في سنة 414 ه (1023م). وتشير أساسات المسجد الباقية إلى كبر مساحته، وفي وسطه ساحة مكشوفة، وله مئذنة رباعية الشكل تقع أساساتها في الزاوية الجنوبيةالشرقية منه، ويظهر في منتصف الجدار الشمالي الشرقي للمسجد (جدار القبلة) تجويف لمحراب المسجد، بينما يشمل الجداران الجنوبي والغربي المدخلين للمسجد، ومن المؤمل أن تكشف الأعمال الأثرية في المسجد والمناطق الأخرى في الموقع عن تفاصيل معمارية ومعثورات أثرية. وتقع عشم في قطاع تهامة إلى الغرب من منطقة الباحة على مسافة 140 كيلومتراً، وكانت معمورة قبل الإسلام واشتهرت بوجود المعادن فيها، وتعد من أهم مستوطنات التعدين في الفترة الإسلامية المبكرة ومحطة للحجاج على طريق الحج القديم، الذي يربط جنوب الجزيرة من اليمن في مكةالمكرمة على امتداد ساحل البحر الأحمر. وتبلغ مساحتها 900 ألف متر، وتمتد من الشرق إلى الغرب، وبنيت منازلها بالحجارة البازلتية التي يغلب عليها اللون الأسود ووضعت الكتل الصخرية بعضها فوق بعض، ويفوق عدد بيوت القرية 400 بيت، بعضها يتكون من غرفة واحدة والآخر من غرف متعددة. وبدأ التنقيب في الموقع قبل أكثر من 35 عاماً، وسجلت عدد من آثار التعدين في الموقع وتنتشر على سطحه كسر الأواني الفخارية والخزفية والزجاجية، فيما يتميز الموقع بكثرة الأرحية الحجرية المستخدمة في طحن الحبوب، وأجرى فريق من قطاع الآثار العام 1427ه مسحاً شاملا للموقع، وتم فيه استكمال تسجيله وإدخاله ضمن برنامج الخريطة الرقمية. وقام فريق يضم باحثين واختصاصين أثريين بأعمال تنقيب أثري مركزة في موقع عشم الأثري. ويركز المشروع الحالي أعمال التنقيب في المنطقة المسيجة للموقع الأثري والتحقق من كثافة المعثورات الأثرية، والكشف عن الأدوات والوسائل المصاحبة لأعمال التعدين. وركزت أعمال التنقيب في السوق التجاري الموجود في الموقع. وعثر في منطقة التنقيب على فخار مزجج بألوان مختلفة، منها الأخضر الفاتح والقصديري والأصفر والأحمر والبني. وعثر أيضاً على أواني فخارية كاملة وهي عبارة عن أبريق متوسط الحجم وقدح صغير الحجم وأناء فخاري شبة مكتمل وكذلك على إناء فخاري مزجج لونه أخضر فاتح شبه مكتمل. ويحوي الموقع أجزاء من الحجر الصابوني، وهي عبارة عن حواف وأبدان وحواف لبعض لأواني مختلفة الحجم، وهي في مجملها ذات أسطح ملساء وجد زخارف على أسطح بعض على الأجزاء مما يعني اهتمام الصانع بنحتها، كما عثر على مسرجة من الحجر الصابوني، وغطاء شبه مكتمل لإناء متوسط الحجم. وتنوعت بقايا الأواني الزجاجية، وجاءت بألوان مختلفة: حواف، ورقاب، وقواعد مقعرة، وأجزاء من أبدان قوارير مختلفة الأحجام . وتمثلت المعثورات المعدنية في أجزاء لقطع معدنية جميعها متأكسدة، كما تم العثور على ملعقة صنعت من المعدن متوسطة الحجم وسكين وإناء معدني صغير الحجم، ومسامير مصنوعة من الحديد. وتعد النتائج السابقة من أهم الأدلة على عمق الإستيطان بالموقع التي خصصت لأعمال التعدين خلال العصور الإسلامية المبكرة والوسيطة، ولم ينخفض نشاط التعدين في الموقع إلا بحلول القرن السادس الهجري.