وضعت سيدة سعودية متوفاة دماغياً منذ أربعة أشهر، مولوداً سليماً، في أحد مستشفيات مدينة الخبر. وأمضى الجنين 28 أسبوعاً ويومين من بداية الحمل، ليبصر النور، فيما أمه متوفاة، في حالة حمل ووضع تُعد «نادرة» على مستوى العالم. وبقيت الأم في مستشفى «سعد التخصصي»، لنحو أربعة أشهر، بعد تدهور وضعها الصحي. وكانت تحمل في أحشائها جنيناً، يبلغ من العمر 11 أسبوعاً، لحظة دخولها إلى المستشفى. وأوضح رئيس قسم العناية المركزة المدير الطبي للمستشفى الدكتور سامر قارة، أن «السيدة أصيبت بالتهاب في الأذن الداخلية، نتج عنه صداع، وتطور إلى ارتفاع شديد في الحرارة، أدخلت إثره إلى أحد المستشفيات الخاصة. وتدهورت حالتها بعد أسبوع، وانتابها إعياء شديد، نتيجة إصابتها بمرض التهاب السحايا، وتورم الدماغ»، مضيفاً «حين وصلت إلينا، كانت ميتة دماغياً، ما أدى إلى فشل جميع وظائف الغدد المُفرزة للهرمونات الأساسية». وأدخلت الأم إلى العناية الفائقة، ووضعت تحت جهاز التنفس الاصطناعي. وأجريت لها جميع الفحوصات الطبية، ومراقبة الأملاح والسوائل المعدنية بانتظام. وذكر قارة أن السيدة «حصلت على تغذية اصطناعية، إضافة إلى المحافظة على حركة الأمعاء دوائياً، لتتناسب مع حاجة الجنين من السعرات الحرارية المطلوبة. كما أعطيت جميع المضادات الحيوية». وقال: «إن شدة المرض وتورم الدماغ أحدثا الموت الدماغي، ما جعل أهم أولويات الفريق الطبي المحافظة على الجنين، قدر الإمكان، مراعاة للأعراف الدينية والطبية». وخضع الجنين لمتابعة على مدى 24 ساعة. وأوضح استشاري طب الأم والجنين رئيس قسم النساء والتوليد الدكتور عدنان عاشور، أنه «منذ ثبوت الموت الدماغي للأم، تمت المتابعة الحثيثة لصحة الحمل، مع التقويم الدوري على مدار 24 ساعة لحالة الجنين»، مضيفاً أن «التنسيق كان متواصلاً مع فريق العناية المركزة، لمراجعة جميع العقاقير والأدوية المستخدمة، للتأكد من ملاءمتها للحمل، وعدم الإضرار في الجنين، مع مراعاة الظروف التي تضمن تدفق الدم إلى مشيمة الجنين»، مبيناً أن «أسابيع المتابعة شملت الصور التليفزيونية فوق الصوتية المتكررة». وراجع الفريق الطبي، المتمثل في أقسام العناية المركزة، وطب الأم والجنين، والأطفال حديثي الولادة، وطاقم التمريض، مع زوج المريضة، السيناريوهات المحتملة كافة. وذكر عاشور أن «الاتفاق بين الجميع نص على الولادة الفورية في حال توقف قلب الأم، أو حدث تدهور مفاجئ في صحة الجنين»، موضحاً أنه «بعد 28 أسبوعاً ويومين، من بدء الحمل، لوحظ تراجع وظيفي في مشيمة الجنين، وتوقف نموه. وأفاد التقويم الدقيق للجنين أن التراجع الحاد لتدفق دم المشيمة انعكس على كمية الماء (السائل الأمنيوسي) المحيط في الجنين، ولاحظنا بدء التدهور في الوظائف الحيوية له». واتخذ الفريق قراراً بإجراء عملية قيصرية حينها، ووصف عاشور لحظة ولادة الجنين «ملأ صراخه جنبات حجرة العمليات». فيما تلقى الأب خبر الولادة ب»مزيج من المشاعر المختلطة، بين الفرح بقدوم المولود، والحزن على زوجته». ونقل المولود إلى قسم حديثي الولادة. وذكر استشاري العناية المركز للأطفال الدكتور عصام سعد، أنه «بعد الولادة؛ تمت مساعدة الطفل بجهاز التنفس الاصطناعي ذي الذبذبات العالية، وأعطي علاج يساعد على نمو الرئة. كما أجريت له تغذية وريدية، إضافة إلى إجراء الفحص الدوري الشامل والمتواصل كل دقيقة، باستخدام أجهزة ذات تقنيات عالية». وأوضح أن «جميع الأجهزة الداخلية للمولود سليمة، كما جاءت النتيجة طبيعية لكل الفحوصات التي أجريت له». وأوضح قارة، أن حالة المريضة، التي توفيت لاحقاً، تعتبر من الحالات «النادرة والفريدة من نوعها على مستوى العالم. ولم تحدث تفاصيلها ومدتها في المستشفيات على مدار التاريخ الطبي، بعد مراجعة جميع الحالات المماثلة لها على مستوى العالم». لكن «الحياة» رصدت حالات ولادة شبيهة. إذ سجلت إيطاليا ولادة طفلة من أم متوفاة سريرياً، وخرجت الطفلة بعملية قيصرية بعد ثلاثة أشهر من وفاة والدتها، التي دخلت المستشفى وهي في الشهر الرابع من الحمل. كما شهد العام الماضي، ولادة طفلة في عملية قيصرية، بعد يومين من وفاة والدتها دماغياً، في بريطانيا. كما تمكن فريق طبي في مستشفى الملك عبد العزيز في جدة، من إنقاذ جنين لأم متوفاة دماغياً، أدخلت إلى قسم الطوارئ.