لا تحيد الدورة الثانية عشرة من «آرت دبي» التي تستضيفها مدينة جميرا في دبي وتختتم اليوم، عن سابقاتها في ثوابت هذا الحدث الفني، وأهمها الانفتاح على مدارس فنية مختلفة، واستضافة أعمال أبداعية بعيدة من المحيط العربي، والتواصل مع فنانين شباب جدد في مناطق لا تزال بكراً بالنسبة الى الجمهور المحلي. ويلاحظ المتجول في أرجاء المعرض التنوع الفني واختلاف التعبير بالأفكار الفنية ما بين دولة وأخرى. وحين نعلم أن الحدث استقطب 105 معارض جديدة هذه السنة من 48 بلداً، نُدرك مدى جدية مديرته اللبنانية ميرنا عياد، حين قالت «إن التنوع في الانفتاح على فنون العالم سيكون من أولوياتنا»، علماً أن الحدث الأكثر تنوعاً وعالمية استضاف أعمالاً للمرة الأولى من كازاخستان وأثيوبيا وإيسلندا وغانا. وتحضر المأساتان السورية والفلسطينية بقوة في هذه الدورة، إذ تستحضر أعمال الفنان السوري تمام عزام مناظر لأفق المدن المكسورة في بلده وحشود اللاجئين من وطنه، وقد نُظمت في مزيج من الألوان والبقع التي تشكل المنظر العام للمباني والناس. فيما أعمال الفلسطيني المقيم في سويسرا عيسى ديبي، تروي قصة حرب غزة والدمار الذي لحقها في 2014، وكيف عبّر عنه الفنان من خلال ما وصل اليه من مشاهد عبر التلفزيون ووسائل الإعلام، بما أنه بعيد من الحرب. فيما تتحدث سماح شحادة عن القرى الفلسطينية المهجرة عموماً، وترسم نبتة الصبار التي تبقى صامدة في هذه القرى. دورة جديدة قريبة من هموم الناس ومعاناتهم، مع فاعليات تعتمد على التفاعل المباشر ما بين المرسل والمتلقي، وكثرة الندوات وورش العمل التي سمحت بالتواصل ما بين الجمهور والمحاضرين، من دون الاعتماد على تلقي المعلومات فقط. وتضمن برنامج نسخة هذه السنة، الإعلان عن العمل الفائز بالنسخة العاشرة من جائزة أبراج للفنون والتي فاز بها الفنان لورنس أبو حمدان، إضافة إلى النسخة الثانية من ندوة آرت دبي مودرن للفن الحديث وهي سلسلة من الحوارات والعروض تركز على حياة وأعمال وتأثير عمالقة الفن الحديث في القرن العشرين من منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا. وتستقبل قاعات معرض «آرت دبي كونتمبراري» مشاركة 78 معرضاً من 42 بلداً منها مشاركات أولى من إيسلندا وإثيوبيا وغانا وكازاخستان لتعزز الهوية العالمية للمعرض باعتباره منصة فنية عالمية والملتقى الفني الإقليمي للمعارض الفنية المعروفة والواعدة على حدٍ سواء. وتتوزع فعاليات كونتمبراري على قاعتين رئيستين، كما تتميز هذا العام بتمثيل قوي لمعارض الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وعودة العديد من المعارض المشاركة في السابق من أوروبا وأميركا الشمالية، إضافة إلى مجموعة مميزة من المعارض من أفريقيا وأميركا اللاتينية. وتشهد النسخة الخامسة من «آرت دبي مودرن للفن الحديث» أكبر عدد للمشاركات بواقع 16 معرضاً من 14 بلداً. وانطلقت النسخة الأولى من برنامج «رزيدنتس» للإقامة الفنية هذا العام، وتقوم على دعوة 11 فناناً من دول مختلفة لبرنامج إقامة فنية في الإمارات يستغرق 4 إلى 8 أسابيع لينتجوا خلالها اعمالًا فنية تعكس تجربتهم المحلية لتقدم هذه الأعمال بالتعاون مع المعارض التي ينتمي اليها هؤلاء الفنانون في آرت دبي ضمن المعرض الجديد. ويأتي منتدى الفن العالمي ضمن البرامج الثقافية التابعة لآرت دبي ليكون المنتدى السنوي الفني الأكبر من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وجنوب آسيا، بالإضافة إلى تفرده بمواضيعه التي تبحث في كل النواحي الثقافية وبتنوع الخلفيات التي ينحدر منها المتحاورون والمشاركون. وركزت جلسات المنتدى على مواضيع الأتمتة والذكاء الاصطناعي مع كل ما يصاحبها من فرص ومخاوف تحت عنوان «أنا لست روبوتاً». وأقيم على هامش آرت دبي مودرن للفن الحديث وبدعم من مؤسسة مسك للفنون معرض «خوض غمار حياة ضروس»، وفيه مجموعة متحفية من 75 عملاً لرواد الحركة الحداثية في المنطقة والذين ينتمون إلى خمس مجموعات ومدارس فنية عبر خمسة عقود وفي خمس مدن عربية: جماعة الفن المعاصر في القاهرة (أربعينات القرن العشرين وخمسيناته)، وجماعة بغداد للفن الحديث (خمسينات القرن العشرين)، ومدرسة الدار البيضاء (ستينات القرن العشرين وسبعيناته)، ومدرسة الخرطوم (ستينات القرن العشرين وسبعيناته)، ودار الفنون السعودية في الرياض (ثمانينات القرن العشرين). ويحظى هذا المعرض بإشراف كل من سام بردويلي وتيل فيلراث، ويستعير عنوانه من البيان التأسيسي لجماعة بغداد للفن الحديث عام 1951 ليعكس شغف هؤلاء الفنانين ومشاركاتهم الفنية في الحركة الحديثة للفن، كل في سياقاته السياسية والمجتمعية. ورحبت النسخة السادسة من برنامج الشيخة منال للرسامين الصغار بالفنانة اليابانية الأسترالية هيرومي تانغو التي قدمت عملاً تفاعلياً بعنوان «عطاء الطبيعة» حيث عمل الأطفال المشاركون في البرنامج وعلى مدار الأسبوع تحت إشراف الفنانة على استكشاف وتطوير بيئة طبيعية تستند في تكوينها الى الزهور والنباتات المحلية في حديقة تتوسطها النخلة الإماراتية. وكان الهدف القيام بعمل تفاعلي يبحث في سبل تواصل البشر مع الطبيعة المحلية من حولهم وكيفية مساهمتها في عافيتهم وعيشهم الرغيد.