فيما تجنبت الحكومة اللبنانية الخوض في ملف البواخر المكهرب، أضاءت على إيجابيات المؤتمرات الدولية، وغاصت في جلستها التي عقدت في قصر بعبدا، برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، في مناقشة ورقتها إلى مؤتمر «سيدر»، فكانت ملاحظات ومحادثات تقنية. وعرض عون في مستهل الجلسة أبرز اللقاءات التي عقدها مع موفدين دوليين زاروا لبنان خلال الأسبوعين الماضيين والمواضيع التي أثارها معهم، وفي مقدمها الانعكاسات المالية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والأمنية الناجمة عن عدد النازحين السوريين الكبير في لبنان، مؤكداً ضرورة «عودتهم التدريجية إلى المناطق الآمنة وعدم انتظار الحل السلمي للازمة السورية لتحقيق ذلك». وأشار إلى أن «الظروف التي يعيش فيها النازحون، رفعت نسبة الجرائم التي تقع في عدد من المناطق اللبنانية، على رغم الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية للمحافظة على الأمن والاستقرار في البلاد». وأمل بأن يقر مجلس النواب «مشروع موازنة 2018 في أسرع وقت ممكن بعد إنجازه في مجلس الوزراء». ثم تحدث الحريري، فعرض لنتائج «مؤتمر روما- 2» مشيراً إلى أن ممثلين ل40 دولة شاركوا فيه، إضافة إلى منظمات الأممالمتحدة، واطلعوا على المشاريع التي قدمها الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية والتي لقيت اهتمام لافتاً، وسيتم التواصل مع الدول التي أبدت رغبتها في المساعدة بشكل ثنائي للتفاهم على اسس هذا التعاون. ولفت إلى أن الجانب الفرنسي أعلن عن تقديم خط ائتماني سقفه 400 مليون يورو سوف تدرس آلية الاستفادة منه مع وزارة المال. وأضاف: «أبلغنا الوفد الأميركي بأن الكونغرس رفع الحظر الذي كان مفروضاً على تسليم الجيش اللبناني اسلحة عسكرية معينة، وبالتالي فإن واشنطن سوف تقدم معدات هبة بقيمة 110 ملايين دولار. وثمة دول أخرى سوف يتم التواصل معها لاستكمال البحث الذي بدأ في روما حول البرامج التي أعدتها الأجهزة الأمنية اللبنانية». وأكد أن «مؤتمر روما- 2 كان ناجحاً جداً وترجم الحرص الدولي على الاستقرار والأمن في لبنان، وكل المداخلات التي تمت كانت إيجابية. كذلك بدأنا مفاوضات مع الجانب الروسي الذي عرض خطاً ائتمانياً سقفه بليون دولار سوف يتم درسه أيضاً». ثم تطرق إلى مؤتمر «سيدر» في باريس الشهر المقبل، فلفت إلى أهمية انعقاده وانعكاساته الإيجابية على الأوضاع الاقتصادية في لبنان، لافتاً إلى أن المشاريع التي قدمها لبنان ضمن برنامج الاستثمارات العامة (CIP) كانت موضع درس مع ممثلي الكتل النيابية وهي ستطرح للبحث وفق الأولويات التي يحددها الجانب اللبناني. وقال: «علينا أن نعرف أن هذه المشاريع ستكون تحت متابعة البنك الدولي ومراقبته، وستتم بشفافية مطلقة وهذا مهم جداً بالنسبة إلى الحكومة والأفرقاء والمنظمات التي ستتولى تمويل هذه المشاريع». وأشار إلى «أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتأثيرها في المشاريع المقترحة لمؤتمر باريس»، داعياً إلى «تفعيل المجلس الأعلى للخصخصة في مجالات عمله». وكشف عن «اتفاق مع الجانب الفرنسي لاستحداث جهاز لمتابعة هذه المشاريع يضم ممثلين للدولة والمستثمرين وذلك حرصاً على تحقيقها من دون أي خلل أو خطأ، وضماناً لمكافحة الفساد الذي يعيق عادة المضي في مشاريع استثمارية كبيرة». وتحدث الحريري عن الإصلاحات التي ستواكب المؤتمر، مشيراً إلى «وجود إصلاحات بنيوية ومالية تعود بالفائدة لمصلحة الدولة وتضاف إلى أخرى سبق إقرارها». ولفت إلى أنه سبق لمجلس النواب أن أقرّ مشاريع «تحتاج إلى تنفيذ، وأن الصناديق العربية والدولية راغبة في التفاوض مع لبنان لتنفيذ هذه المشاريع التي يمكن أن يبدأ البحث بها قبل مؤتمر باريس». بعد ذلك ناقش مجلس الوزراء مشروع البرنامج الاستثماري الوطني للبنى التحتية، واستمع إلى عرض من مجلس الإنماء والإعمار وملاحظات الوزراء لجهة الآثار الاقتصادية والمالية وتوزيع المشاريع على المناطق والقطاعات. وتمت الموافقة على اعتماد المشروع لرفعه إلى مؤتمر «سيدر»، وعرضه على الجهات المانحة والمقرضة والهيئات المهتمة بالاستثمار من القطاع الخاص وفي البنى التحتية، على أن يعود مجلس الوزراء لدارسة المشاريع والاولويات وإقرارها وفق نتائج المؤتمر والاتصالات مع الجهات المختلفة. وأبلغ عون والحريري مجلس الوزراء أنهما سيشاركان في القمة العربية المقبلة في الرياض، منتصف نيسان (أبريل) المقبل. اعتصام أمام القصر الجمهوري وتزامناً مع انعقاد جلسة مجلس الوزراء، ووسط إجراءات أمنية مشددة من الحرس الجمهوري وقوى الأمن الداخلي، نفذت لجنة المتابعة للناجحين في مجلس الخدمة المدنية لدى وزارة الزراعة، حراس الأحراج الفئة الرابعة «ب»، اعتصاماً أمام المدخل المؤدي إلى القصر الجمهوري في بعبدا، وطالبوا خلاله رئيسي الجمهورية والحكومة بتوقيع مرسوم تعيينهم. الحريري: ملف الكهرباء أصبح مسيساً وكان الحريري شدد في حوار مع اقتصاديين يشاركون في منتدى «المال والأعمال» على أن «أولوية الحكومة للمرحلة المقبلة التركيز على القطاعات الإنتاجية وسبل النهوض بها، وتكبير حجم اقتصادنا، ورفع معدلات النمو، وتأمين فرص العمل للشباب». ورأى أنه «إذا حققنا كل المشاريع التي نخطط له، فإنه سيتم ضخ كمية كبيرة من الأموال في البلد، وسيساعد ذلك كل القطاعات الصناعية والإنتاجية». وعن مهمة فريق «ماكنزي» الاستشاري، أوضح أنه «لوضع استراتيجية شاملة للقطاعات الإنتاجية يكون الجميع مشاركاً فيها، فنعرف أين تكمن قوة لبنان الاقتصادية وما هي المجالات التي يمكن للدولة أن تستثمر فيها من أجل وضع خطة شاملة». وعن مشروع تأمين الكهرباء، قال: «الفكرة الأساسية من شراء أو استئجار الكهرباء استكمال خطتنا التي تتيح للدولة أن تنتج طاقة تصل إلى 24 على 24 ساعة، من خلال إعادة بناء المعامل كافة، وتحويلها إلى العمل على الغاز بدل الفيول، وفي الوقت نفسه تعديل التعرفة كي تصل إلى نحو ال14 سنتاً، بما يوفر الكثير على المواطن الذي يدفع فاتورتين للكهرباء حالياً. لكن المشكلة أن هذا الموضوع أصبح مسيّساً».