حذر أطباء عاملون في أقسام الطوارئ والإسعاف في مستشفيات المنطقة الشرقية، من عودة موجة التسمم الغذائي، في صيف العام الجاري، على غرار المواسم السابقة، وإن أقروا بأنها شهدت انخفاضاً «نسبياً» في السنوات الثلاث الماضية بيد أنهم أشاروا إلى أن معدل حالات التسمم يتراوح في الشهر الواحد خلال فصل الصيف، بين مئة إلى 150 حالة شهرياً في المستشفى الحكومي الواحد. وتتزايد المخاوف من عودة حالات التسمم الصيفي، مع الإقبال الكبير على ارتياد المطاعم وشراء الوجبات منها خلال إجازة المدارس، وربما منذ بدء فترة الاختبارات، إذ تميل بعض الأمهات إلى أخذ إجازة من المطبخ خلال هذه الفترة، أسوة في أبنائهن، فضلاً عن اختلال برنامج الأسرة، الذي كان تضبطه المدارس، لكن الإجازة تحول الليل إلى نهار، والعكس. ومع تزايد الطلب على المطاعم، يخشى الأطباء أن تؤثر حرارة الطقس على سلامة الأغذية، يضاف إليها إهمال عمال المطاعم في الالتزام باشتراطات السلامة وضوابط حفظ الأغذية، مُبردة أو مُثلجة. فيما أكدت أمانة الشرقية، مع بدء ارتفاع درجات الحرارة، على ضرورة الالتزام بهذه الضوابط والاشتراطات، موضحة أنها تعتزم تكثيف جولاتها الرقابية على مواقع إعداد الأطعمة، لمنع «التجاوزات»، التي قد تؤدي إلى حدوث حالات تسمم. كما منعت تقديم السلطة الخضراء، و»المايونيز» الذي يعد داخل المطاعم. وأعلنت الأمانة خلال الشهرين الماضيين، عن ضبط مخالفات عدة في مطاعم ومطابخ، ملوحة بعقوبات، تتراوح بين «الغرامات المالية، والإغلاق». بيد أن هذه الإجراءات «المُشددة» لم تحل دون تسجيل حالات تسمم غذائية. إذ تشير مني محمد، إلى أن غالبية أفراد عائلتها «أصيبوا بالتسمم، بسبب وجبة كبسة، اشتريناها من أحد المطاعم»، مستدركة أن «الوجبة كانت سليمة، ولكن كيس الشطة المرفق مع الوجبة، مكوناته فاسدة. ولم ندرك ذلك، إلا بعد نقل أربعة من أسرتي إلى المستشفى، بعد أن أصيبوا بالتقيؤ المستمر». وتقدمت أسرة منى، بشكوى إلى البلدية، التي أكد مسؤولوها أنهم «سيكثفون الرقابة والجولات الميدانية على المطاعم». كما تعرضت عائلات أخرى إلى حالات «تسمم جماعي». ويقول عبد العزيز سعود: «تعرض أطفالي إلى التهاب في الأمعاء، بعد وجبة تناولوها من أحد المطاعم السريعة. وهو ما جعلني أقرر منع كل أفراد أسرتي من تناول وجبات المطاعم طوال أشهر الصيف، مهما بدا المطعم نظيفاً، فنحن لا نعلم ما يدور في كواليسه»، مؤكداً على «مراعاة ارتفاع درجات الحرارة، ونسب الرطوبة في الصيف، التي تؤثر على سلامة الأغذية». وأشار اختصاصي الأمراض المعوية الدكتور احمد باقادر، إلى توافد حالات عدة من مواطنين ومقيمين، مصابين بالتسمم، منذ مطلع شهر رجب الجاري، تزامناً مع بداية فصل الصيف. وذكر أن سبب إصابة معظم هذه الحالات هو «التلوث الغذائي، الذي ترافقه أمراض عدة، منها التهاب الأمعاء»، موضحاً أن مستشفاه تعامل خلال هذا الشهر مع «40 حالة تسمم، غالبيتها من الأطفال والنساء. وقد يصل عدد الإصابات شهرياً بين مئة إلى 150 حالة». واعتبر باقادر، أن «قلة التوعية وغياب الرقابة على بعض المطاعم، أحد الأسباب في زيادة حالات التسمم في الصيف»، مشيراً إلى أن إحدى الحالات «أصيبت بالتسمم الغذائي، ودام علاجها ثلاثة أيام، إثر تناولها «تبولة» وبعض المقبلات من أحد المطاعم، ولم تدرك أنها فاسدة، ولا تصلح للاستهلاك الآدمي». كما حذر من «الجلوس طويلاً تحت أشعة الشمس، وتناول الأطعمة المكشوفة، فهذه أحد أبرز أسباب التسمم». وأضاف أن «عدداً من مستشفيات المنطقة سجلت حالات تسمم، وتم التعامل معها بحسب الإجراءات الطبية، إذ يتلقون العلاج ويخرجون غالباً في اليوم ذاته؛ لكن بعض الحالات اضطرت للتنويم في المستشفى». بدورها، عددت اختصاصية التغذية مها الغامدي، أعراض التسمم الغذائي، التي تظهر على المصابين، مثل الغثيان والقيء، والإسهال، والتقلصات في المعدة والأمعاء. وفي بعض الحالات تظهر أعراض أخرى، مثل الشلل في الجهاز العصبي، إلى جانب الاضطرابات المعوية»، مضيفة أن «الفترة الزمنية اللازمة لظهور الأعراض المرضية تختلف بحسب مسببات التسمم، وكمية الغذاء التي تناولها الإنسان». ولفتت إلى أن «أنواع التسمم الغذائي منوعة، ويتم تصنيفها بحسب الميكروب الذي يصيب الإنسان، فمنها مرضية، وأخرى نتيجة سموم، مثل الملوثات الكيماوية والمبيدات الحشرية».