باريس، واشنطن، أنقرة، بكين - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - في تصريحات تظهر حجم الخلافات الدولية في ما يتعلق بالتعامل مع الأزمة السياسية في سورية، جددت روسيا أمس معارضتها أي تدخل في ذلك البلد بعد يوم من خطاب للرئيس السوري بشار الأسد وعد فيه بإصلاحات وحوار وطني يقود لانتخابات وربما لإعادة كتابة الدستور. إلا أن فرنسا ردت على موقف موسكو بإعلانها أن مجلس الأمن الدولي لا يمكن أن يصمت لفترة أطول على ما يحدث، معترفة بوجود خلافات بينها وبين روسيا. وقال رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أمس في شأن سورية إن «التدخل في شؤون دولة ذات سيادة ... لا افق له»، مجدداً تحذير بلاده من أنها ستستخدم حق النقض (الفيتو) لمنع تبني أي قرار دولي يستهدف دمشق. وقال رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون إن «مجلس الأمن الدولي لا يمكن أن يصمت لفترة أطول» حيال ما يجرى في سورية، مؤكداً انه «اقترب الوقت الذي سيكون فيه على الجميع تحمل مسؤولياتهم». وأضاف فيون خلال مؤتمر صحافي مشترك مع بوتين بعد مباحثات بينهما «نريد أن نتحرك في إطار الشرعية الدولية ... ولا يمكن لمجلس الأمن أن يصمت لفترة أطول». وشدد رئيس الوزراء الفرنسي «سنتابع مع آلان جوبيه (وزير الخارجية الفرنسي) التباحث خلال مأدبة غداء (مع بوتين) في شأن هذا الموضوع المثير للقلق». وفي مقابلة نشرها الكرملين يوم الأحد اعلن الرئيس الروسي ديميتري مدفيديف أن موسكو ستستخدم حق الفيتو في مجلس الأمن ضد أي قرار ضد سورية وذلك خشية أن يقصف الغرب سورية كما فعل في ليبيا مع إقراره بأن دمشق تقع عليها مسؤولية قتلى. وأقر فيون بأن فرنسا لديها «مقاربة مختلفة» عن روسيا في شأن هذه القضية، غير انه رأى انه يمكن للمقاربتين «أن تلتقيا». إلى ذلك، قال الرئيس التركي عبد الله غل إن على الأسد أن يكون «اكثر وضوحاً بكثير» في كلامه عن التغيير الديموقراطي في سورية. ونقلت وكالة الأناضول التركية للأنباء عن الرئيس التركي قوله في تصريح صحافي ليل اول من امس «علينا أن نقرأ بين السطور في خطابه بينما المطلوب منه أن يقول بشكل واضح وعال: سننتقل إلى نظام تعددي وسننظم انتخابات ديموقراطية طبقاً للمعايير الدولية». وتابع الرئيس التركي «فور قول الرئيس السوري انه سيقود المرحلة الانتقالية في بلاده سنرى عندها أن الأمور ستتغير». وكان غل قد قال في مقابلة مع «الحياة» بعد ساعتين من كلمة الأسد إن أنقرة تمنت لو أعلن الرئيس السوري انتخابات حرة وشفافة برقابة دولية مع وضع تواريخ محددة. كما قال إن تركيا رغبت أيضاً في أن يقول الأسد أن العنف سيتوقف ضد المتظاهرين السلميين. وفي واشنطن، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أجرى اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان هو الثاني خلال ستة أيام، بحثا خلاله الوضع في سورية. وقال البيت الأبيض في بيان إن أوباما وأردوغان «اتفقا خلال هذه المحادثات على انه يتوجب على الحكومة السورية أن تضع حداً لأعمال العنف الآن وأن تطبق سريعاً إصلاحات ملموسة تحترم التطلعات الديموقراطية للشعب السوري». وتربط علاقات جيدة تقليدية بين أردوغان والرئيس السوري. لكن رئيس الوزراء التركي دعا مرات عدة الأسد إلى وقف العنف ضد الاحتجاجات. وكانت الخارجية الأميركية قد رفضت فرضية أن الحركة الاحتجاجية في سورية هي «صنيعة أطراف أجنبية». وقالت الخارجية في بيان «لا نصدق كلمة واحدة» من هذا الأمر. وأضافت «خلال خطاب (الأسد)، لاحظنا انه اتهم محرضين أجانب من دون أن يعترف بأن شعبه مشمئز من النظام». وأكدت الناطقة باسم الخارجية أن «هذا النظام صامد بفضل القمع والفساد والخوف». وتابعت أن السفير الأميركي في دمشق روبرت فورد يتفقد شمال سورية للاطلاع على الوضع هناك بعد معلومات عن منع الوصول إلى قرية حدودية تؤمن مواد تموينية للذين يفرون إلى تركيا.