يبدو أن الإيطاليين لا يستخفون بالمشكلات التي طرأت على مفاعل فوكوشيما الرقم واحد لإنتاج الطاقة النووية في اليابان، إثر إصابته بأضرار كبيرة نتيجة زلزال وتسونامي في 11 آذار (مارس) الماضي. ففي استفتاء أجري قبل نحو أسبوع، أجمع 94 في المئة من الإيطاليين على رفض مشروع رئيس الوزراء، سيلفيو بيرلوسكوني، استئناف إنتاج الطاقة النووية. ورفضوا، كذلك، مشروع خصخصة إمدادات المياه وقانوناً يمنح رئيس الوزراء والوزراء حصانة المثول أمام القضاء. وقررت ألمانيا في السادس من الشهر الجاري وقف العمل في مفاعلاتها النووية ال17 من اليوم الى 2022. وبعد يومين على القرار الألماني، أعلنت سويسرا وقف العمل بمفاعلاتها النووية في 2034. وكانت ايطاليا أوقفت العمل في أربعة من خمسة مواقع نووية في 1990، نتيجة كارثة تشيرنوبيل النووية في 1986. وإثر إعلان نتيجة الاستفتاء الإيطالي، أعلن وزير الصناعة الياباني، بانري كاييدا، عزم اليابان على مواصلة إنتاج الطاقة النووية. فهذا الضرب من الطاقة هو ركن سياسة الطاقة اليابانية، على قوله. ووصف أمين عام الحزب الليبرالي الديموقراطي، نوبوتيرو ايشيهارا، قرار الناخبين الإيطاليين ب «الهيستيريا الجماعية». ويبدو أن اليابان لم تتعظ بدروس كارثة فوكوشيما، على خلاف الأوروبيين. وقد تضطر الى الاعتماد على الطاقة النووية على المدى القصير لتأمين حاجاتها من الطاقة، في وقت لا يسعها استجرار الطاقة على نحو ما تفعل الدول الأوروبية. ولكن لا يجوز أن تكون الحاجة الى الطاقة أو تعذر استجرارها ذريعة مواصلة استخدام الطاقة النووية. وأظهرت كارثة فوكوشيما النووية المخاطر المترتبة على انتاج الطاقة النووية. فهي مصدر طاقة كهربائية غير مضمون وثابت، وتترتب عليها تكلفة مادية باهظة. وإذا وقعت حوادث في المفاعل النووي، اضطرت الحكومة الى تقديم مساعدات الى البلديات والمحافظات، وتحملت أعباء التخلص من الوقود النووي المالية. وحريّ باليابان تسريع وتيرة تطوير مصادر طاقة متجددة لإنتاج الكهرباء. وسبق أن أبطأت مجموعات الضغط المؤيدة للطاقة النووية عجلة التطوير هذه، وشلتها طوال عقد من الزمن. والأمة اليابانية مدعوة الى الاستفادة من الحرارة الجوفية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، والى استغلال الطاقة الأحيائية المستخرجة من الخشب والعشب. وعلى اليابان تطوير وسائل حفظ الطاقة والاقتصاد في استعمالها، واستخدام وسائل عزل الطاقة في تدفئة المباني. والبحث في تطوير مصادر طاقة جديدة تساهم في تشريع أبواب الابتكار التكنولوجي وتوفر فرص عمل جديدة. ويجب إنهاء الاحتكار في سوق الطاقة لتزدهر شركات توفير الطاقة الخضراء الصغيرة، والتزام معايير الشفافية والمساءلة في صوغ سياسات الطاقة. * افتتاحية الصحيفة، عن «جابان تايمز» اليابانية، 16/6/2011، إعداد منال نحاس