وزعت امس في العاصمة الليبية طرابلس، وعلى مواقع إلكترونية، منشورات حملت طابعاً عنصرياً، اذ تضمنت توعدا باستهداف السكان من أصول مصراتية، ما لم تنسحب «درع الوسطى» من المدينة التي دخلت إليها قبل أيام، تحت شعار «حماية المؤسسات الشرعية» بما فيها المؤتمر الوطني العام (البرلمان) والحكومة من هجمات قد تشنها مجموعات مسلحة موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر. فيما تزداد المخاوف من نشوء سلطتين في البلاد، واحدة في العاصمة واخرى في الشرق، بسبب الخلافات والمنازعات على شرعية الحكومة. وطالبت المنشورات التي حملت توقيع «سرايا أحرار طرابلس» بعودة «الدرع» إلى مصراتة في مهلة 72 ساعة، وترك مهمة حماية المدينة لأهلها. يأتي ذلك في وقت تعيش العاصمة الليبية حال ترقب، في انتظار تظاهرات متوقعة اليوم، تاييداً ل «عملية الكرامة» التي يقودها حفتر تحت شعار محاربة الإرهاب وتهدف إلى الحد من نفوذ الميليشيات الإسلامية في البلاد. يأتي ذلك في وقت تسارعت التطورات في اتجاه منحى خطر قد يقود إلى تقاسم محتمل للشرعية بين برلمانين وحكومتين تتنازعان السلطة، فيما أجل القضاء النظر في دعوى لإبطال شرعية الحكومة الجديدة التي يرأسها أحمد معيتيق إلى يوم الإثنين المقبل، موعد صدور حكمين من المحكمة العليا والقضاء الإداري في هذا الخصوص. وعزز المخاوف من اتجاه ليبيا إلى برلمانين وحكومتين، انتقال رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالله الثني مع عدد من وزرائه إلى مدينة المرج (شرق بنغازي)، غداة اجتماع عقده حوالى 40 من أعضاء البرلمان الطاعنين بشرعية قرار رئيسه نوري بوسهمين تثبيت معيتيق. وعقد الاجتماع في مدينة البيضاء القريبة من المرج، ما فتح الباب أمام تكهنات بتنسيق بين الثني وهؤلاء الأعضاء المعروفين ب «مجموعة ال 94 »، وذلك برضى وربما بتنسيق مع اللواء حفتر الذي تعتبر المنطقة بين بنغازي والبيضاء مروراً بالمرج تحت سيطرة قواته. وقالت ل «الحياة» مصادر مطلعة في بنغازي إن احتمال قيام سلطتين تنفيذيتين وتشريعيتين تتخذان من مدينة البيضاء مقراً، أمر لم يعد مستبعداً، إذا استمر معيتيق في السلطة. وتأجل حكم المحكمة العليا ببطلان إجراءات تثبيت معيتيق رئيساً للحكومة خلفاً للثني، إلى يوم الإثنين المقبل. ويلحظ قانون المحكمة العليا أن الأحكام التي تصدرها مبرمة ولا يجوز استئنافها. ويتوقع أن يصدر القضاء الإداري الإثنين أيضاً، حكماً في دعوى رفعتها حكومة الثني ضد معيتيق، ما يعني أن الحكمين سيصدران في يوم واحد. واستمعت الدائرة الدستورية في المحكمة العليا برئاسة القاضي كمال دهان، إلى مرافعات محامين يمثلون 14 عضواً في المؤتمر الوطني طعنوا في قرار بوسهمين تثبيت معيتيق باعتبار أن رئيس المؤتمر كان خارج البلاد خلال جلسات التصويت في 18 أيار (مايو) الماضي. واستند مقدمو الطعن إلى أن الجلسة التي تمت فيها المفاضلة بين معيتيق والمرشح عمر الحاسي مشكوك في مراعاتها أحكام النظام الداخلي للمؤتمر. كما استمعت إلى مرافعة محامي الحكومة الجديدة الذين استندوا إلى «عدم اختصاص» المحكمة العليا في النظر بالطعن. وقال ل «الحياة» الناشط القانوني والسياسي محمود الرملي إن نظر الدائرة الدستورية في الطعن بحكومة معيتيق، «دليل على وجود عدالة وقضاء مستقل ينظر في قانونية قرار صادر عن أعلى سلطة اشتراعية». في الوقت ذاته، قدمت «تنسيقية العزل السياسي» مذكرة إلى المحكمة العليا تؤكد فيها أن «قانون العزل» الذي أقره البرلمان، ينطبق على معيتيق، وطالبت بضم المذكرة إلى ملف الطعن. وأبلغ «الحياة» محيي الدين أبو عون عضو «تنسيقية العزل السياسي» بأن مذكرتها استندت إلى أن معيتيق «كان عضواً في اللجنة الثورية العسكرية التابعة لمكتب الاتصال في اللجان الثورية»، الذراع السياسية والتنظيمية لنظام العقيد معمر القذافي.