ازدادت الأزمة الليبية تعقيداً في ظل تفاقم الصراع على السلطة، ما أوصل البلاد إلى حكومة برأسين، بعدما رفض رئيس الوزراء المستقيل عبدالله الثني تسليم الحكم إلى أحمد معيتيق الذي شكل حكومة نالت ثقة المؤتمر الوطني العام (البرلمان) الذي باتت شرعيته موضع شك. واستند الثني في موقفه إلى قرار أصدرته إدارة الفتوى والقانون في السلطة القضائية، يبطل إجراءات انتخاب معيتيق وما تلاها، من أدائه للقسم ونيل حكومته الثقة. وأتى ذلك على رغم أصدار البرلمان قراراً تشكيل «لجنة تسليم واستلام بين الحكومة المعينة والمستقيلة برئاسة الثني، والتي أصدرت بياناً أعلنت فيه التزامها بالأحكام القضائية، مشيرة إلى أنها تلقت ثلاثة آراء قانونية من إدارة القانون، وهي من الهيئات المستقلة القضائية، تشير كلها إلى عدم قانونية إجراءات انتخاب رئيس الوزراء الجديد. ولفتت الحكومة إلى طعن قدمته مجموعة من أعضاء المؤتمر إلى المحكمة العليا للفصل في قانونية تنصيب الحكومة الجديدة، و «ما زال (الطعن) قيد النظر وستلتزم الحكومة بأي حكم قضائي يصدر عن المحكمة». وأبدت حكومة الثني ترحيبها ب «لجنة توافق» شكلها مجلس القضاء الأعلى، وأكدت استعدادها للتعاون مع هذه اللجنة وصولاً إلى «حل توافقي» للأزمة. وحضت الحكومة المستقيلة، رئيس المؤتمر نوري بوسهمين على «الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات لتكليف حكومة أخرى بمهام أمام المحافل الدولية، حفاظاً على هيبة الدولة ومصلحة الوطن». وأبلغ وزير العدل الليبي صلاح المرغني «الحياة»، أن الأزمة في ليبيا «سياسية حادة ولا حل لها إلاّ بالسياسة والابتعاد عن الاحتكام لوسائل أخرى غير الحوار بين جميع الفرقاء»، في تلميح إلى استناد حكومة معيتيق لتأييد من التيار الإسلامي والمجموعات المسلحة المحسوبة عليه، ما يعزز مخاوف من استخدام القوة لحسم الصراع. وبدا الثني في موقفه أقرب إلى الحملة التي يشنها «الجيش الوطني» بقيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ضد التيار الإسلامي وجماعة «أنصار الشريعة»، وإن امتنع رئيس الوزراء المستقيل عن تأييد هذه الحملة علناً، بل يراهن على حياده في الصراع للتمكن من لعب دور في إيجاد حل للأزمة. يأتي ذلك في وقت تعرضت معاقل «أنصار الشريعة» و «كتيبة 17 فبراير» في بنغازي، لغارة جوية شنها أنصار حفتر، ولم تسفر عن ضحايا. وذلك رداً على بيان أصدرته «أنصار الشريعة» توعدت فيه حفتر بمصير مشابه للعقيد معمر القذافي، والذي سارع «الإخوان» إلى إدانته واعتباره متطرفاً وغير مقبول. وفي محاولة لاحتواء تداعيات العثور على أربعة جثث لمدنيين تعرضوا للتصفية في بنغازي، أصدر الثوار المنضوون في كتائب مسلحة، بيانًا دانوا فيه استخدام السلاح وعمليات القتل والاغتيال، كما حرَّموا قتل الأجانب الذين دخلوا البلاد بتأشيرات رسمية. ودعا ثوار بنغازي «كل الأطراف للجلوس إلى طاولة الحوار بدلاً من الاحتكام إلى السلاح»، كما رفضوا «وجود مقاتلين أجانب في البلاد، إضافة إلى رفض أي تدخل أجنبي». وقال ل «الحياة» القائد الميداني في «كتيبة 17 فبراير» أحمد أبو قرين: «ندعو إلى إطلاق حوار ليبي- ليبي شامل ينطلق من نبذ العنف والقتل»، وأكد أن «ما من جهة يمكن أن تمنح شرعية لتلك الممارسات»، مشدداً على أن «ما يجمع الليبيين أكثر مما يفرقهم» . وفي تعليق على بيان «أنصار الشريعة» المناهض لحفتر والذي تلاه المسؤول العام للتنظيم في بنغازي محمد الزهاوي، قال أبو قرين: «أنا لا أوافق على أي شيء يلحق ضرراًَ بمصلحة ليبيا».