في وقت يتصدر المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي استطلاعاً للرأي يجريه المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون مصر عن مرشحي الرئاسة، أكد المحامي فريد الديب الذي يتولى الدفاع عن الرئيس المخلوع حسني مبارك أن الأخير «مصاب بسرطان في البطن والمعدة والأورام تتفاقم». وضم استطلاع المجلس العسكري الذي تصدره البرادعي بفارق كبير عن أقرب منافسيه ويستمر حتى منتصف الشهر المقبل، أسماء بينها نائب الرئيس السابق اللواء عمر سليمان ورئيس الحكومة السابق الفريق أحمد شفيق رغم انهما لم يكشفا نيتهما الترشح، إضافة إلى زعيم حزب «الغد» أيمن نور، والصحافي حمدين صباحي، والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، والإعلامية بثينة كامل، والسفير السابق عبدالله الأشعل، والقيادي «الإخواني» السابق عبدالمنعم أبو الفتوح، والكاتب الإسلامي محمد سليم العوا، ورئيس الحكومة السابق كمال الجنزوري، والناشط الإسلامي مجدي أحمد حسين، ورئيس أركان الجيش السابق الفريق مجدي حتاتة، والقاضي الإصلاحي هشام البسطويسي، والمحامي المثير للجدل مرتضى منصور، والدكتور حازم صلاح أبو إسماعيل المدعوم من تيارات سلفية. وأوضح المجلس العسكري في رسالة على صفحته على موقع «فايسبوك» أن الاستطلاع «لا علاقة له من قريب أو بعيد بانتخابات الرئاسة المقبلة، فالاختيار سيكون بواسطة صناديق الانتخابات لمن يريده الشعب». ووفق النتائج الأولية، جمع البرادعي 22 ألفاً و572 صوتاً، بفارق كبير جداً عن أقرب منافس، وهو العوا، فيما حل شفيق ثالثاً، وأبو إسماعيل رابعاً، ولم ينل موسى الذي جاء خامساً سوى 4032 صوتاً، وكان سليمان سادساً ب 2790 صوتاً. إلى ذلك، قال محامي الرئيس المخلوع أمس إن مبارك يعاني من مرض السرطان، مستشهداً بتقرير طبي لتقويم مدى أهلية الرئيس السابق للمثول أمام محكمة. وقال الديب في تصريحات نقلتها أمس وكالتا «رويترز» و «فرانس برس»، إن «الرئيس السابق مصاب بسرطان في البطن والمعدة والأورام تتفاقم، وهذا وارد في التقرير الطبي الأحدث عن حالته». ويرقد مبارك (83 سنة) في مستشفى في منتجع شرم الشيخ بعدما أفادت أنباء بإصابته بمشاكل في القلب خلال المراحل التمهيدية من استجوابه. ومن المقرر مثول مبارك أمام محكمة الجنايات في 3 آب (أغسطس) المقبل بتهم تتصل بقتل المتظاهرين وإساءة استغلال السلطة والفساد المالي وهي اتهامات ينفيها. ويعني كشف إصابة مبارك بالسرطان أنه لن ينقل إلى السجن، ما قد يعزز مزاعم عن معاملة خاصة له من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ويأتي ذلك في وقت احتدم الجدل بين القوى السياسية المنقسمة ما بين من يدعو إلى الدستور أولاً ومؤيد للانتخابات أولاً، بعد انضمام وزراء في الحكومة الانتقالية إلى الفريق المطالب بإجراء تعديلات على خريطة طريق المرحة الانتقالية، انتظاراً لتظاهرات دعا إليها ناشطون قرروا لها 8 تموز (يوليو) المقبل تحت مسمى «مليونية الدستور أولاً». وبعد أيام من إعلان رئيس الحكومة عصام شرف تأييده إرجاء الانتخابات، انضم وزير الثقافة عماد أبو غازي إلى فريق المطالبين بالدستور أولاً، فيما تكثف قوى سياسية وائتلافات شبابية نشاطها في الشارع لجمع 15 مليون توقيع للمطالبة بوضع دستور قبل إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. واقترح مؤسس حزب «مصر الحرية» (تحت التأسيس) الدكتور عمرو حمزاوي وضع مجموعة من المبادئ فوق الدستورية لا يخرج الدستور المقبل عنها لحسم جدل «الدستور أولاً»، غير أن الناشط السياسي البارز جورج إسحق أبدى خلال ندوة حملت اسم «أحزاب ما بعد الثورة» تخوفه من إجراء انتخابات بلا دستور، بينما رأى نائب رئيس حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين» عصام العريان خلال الندوة نفسها أن «الإسراع بالانتخابات يقطع الطريق على القوى الدولية المتربصة بالثورة». وأعرب اسحق عن قلقه من تصور الدولة المدنية لدى حزب «الإخوان»، موضحاً أن «كل الأحزاب في مصر تتحدث عن الدولة المدنية لكنها تختلف في مواصفاتها، لأن كل شخص لديه تصور مختلف عنها». وقال: «مع تقديري، فإن الجماعة صنفت المسلم اليساري والعلماني بأنه ليس مسلماً، فماذا عن المسيحي؟». وأكد أنه لا يرى خياراً «سوى أن يكون الدستور أولاً لتحديد شكل الدولة وشكل الدعاية الانتخابية، ووضع القواعد لكل شيء، وهل سيكون هناك مجلس شورى أم لا؟ وهل نسبة العمال والفلاحين ستظل موجودة أم لا؟». وأضاف: «ليس من المنطقي أن يطلب من مجلس الشعب أن يضع دستوراً مقيداً له فالمجلس صاحب المصلحة، ويفترض به أن يضع قوانين لمراقبة المجلس ذاته ضمن الدستور فكيف له أن يفعل ذلك؟... هناك حل وسط وهو أن توضع قوانين فوق دستورية وأن يتم عمل وثيقة بها». لكن حمزاوي رأى أن دعوات وضع الدستور أولاً «تفتح الباب لإعادة عقارب الساعة إلى ثلاثة أو أربعة أشهر والتأجيل قد يؤدي إلى البقاء تحت حكم ضباط الجيش». وأضاف: «لا أشك في أن المجلس يريد أن ينقل الحكم إلى شرعية منتخبة، لكن أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تظل المؤسسات التشريعية والتنفيذية فارغة، لذلك لا بد من احترام النتيجة والقواعد». واقترح «بدلاً من تضييع الوقت في جدل الدستور أولاً أم لا، أن تجتهد القوى السياسية في وضع المبادئ فوق الدستورية وأن يطلب من المؤسسة العسكرية والمحكمة الدستورية العليا ألا يخرج الدستور القادم عن هذه المبادئ والتي من أهمها ألا تعامل الدولة المواطنين على أساس التمييز، وأن تكون العلاقة بينهم هي المواطنة، مع ضمان الحق في الحياة الكريمة، وكفالة الحق لكل مصري أن يترشح للرئاسة طالما كان كامل الأهلية السياسية، وأن تكون المرجعية النهائية هي الدستور، إضافة إلى التزام الاقتصاد بالعدالة الاجتماعية». في غضون ذلك، أمر رئيس جهاز الكسب غير المشروع المستشار عاصم الجوهري أمس بوضع اسم الأمين العام ل «المجلس القومي للمرأة» الدكتورة فرخندة حسن على قائمة الممنوعين من مغادرة البلاد، «في ضوء التحقيقات التي يجريها الجهاز في البلاغات المقدمة ضدها بتضخم ثروتها على نحو يفوق دخلها المشروع».