دمشق، عمان، نيقوسيا - «الحياة»، أ ف ب ، رويترز - وسَّع الجيش السوري من عملياته الامنية في شمال غرب سورية، ودخل المزيد من القرى والبلدات في محافظة أدلب، التي تعرضت لهجوم من قوى الجيش على مدار هذا الاسبوع. وقال شهود وناشطون، إن القوات السورية تأتي من حماه وحلب وتدخل القرى والبلدات التي تقول السلطات إن مسلحين منتشرين فيها. وبينما لا تزال قوى الامن متمركزة في جسر الشغور، قال شهود إن أسرةً من زوج وزوجة وطفليهما قتلوا بإطلاق النار عليهم في المدينة خلال عبورهم على دراجة نارية جسراً على نهر الأبيض. في موازاة ذلك، قالت منظمات حقوقية سورية إن قوى الامن شنت حملات اعتقال في درعا ودمشق، كما قال ناشط إن تظاهرات نُظمت ليل اول من امس في دير الزور على بعد 430 كلم شرق دمشق، بينما دعا ناشطون آخرون الى «مسيرة الشموع» ليل امس، تضامناً مع البلدات السورية التي تتعرض لهجوم قوى الامن. وعن التطورات الميدانية، قال ناشط لوكالة «فرانس برس» أمس، إن «القوات المسلحة تواصل عملياتها وتمشط قرى مجاورة لجسر الشغور، حيث شن الجيش هجوماً كبيراً يوم الاحد الماضي ودخل المدينة، ثم أعلن إحكام السيطرة عليها. وواصل سكان هذه المناطق الفرار الى مناطق داخل سورية او إلى الحدود مع تركيا، فيما لا تزال الاتصالات الهاتفية مقطوعة فيها منذ اول من امس. وقال «المرصد السوري لحقوق الانسان» نقلاً عن سكان، إن اربعة اشخاص هم رجل وامرأته وطفلاهما، قتلوا بعد ظهر امس بالرصاص في منطقة جسر الشغور على بعد 100 متر من نقطة مراقبة للجيش. وأوضح المرصد «ان العائلة قتلت في حين كانت تعبر على دراجة نارية جسراً على نهر الأبيض، وكانت قد مرت على نقطة تفتيش للتو». من جهة اخرى، قال «المرصد السوري» إن السلطات الأمنية شنت حملة اعتقالات في منطقة درعا (جنوب) التي انطلقت منها في 15 آذار (مارس) حركةُ الاحتجاجات، وكذلك في محافظة دمشق. ومنذ 15 آذار، قُتل اكثر من 1200 شخص، واعتقل نحو عشرة آلاف آخرين في سورية، بحسب منظمات غير حكومية. وقد فرَّ اكثر من 13 ألف شخص الى تركيا ولبنان، بحسب الاممالمتحدة. وبخلاف الانتشار في شمال غرب البلاد، أرسل الجيش دبابات الى شرق البلاد على الحدود العراقية. وأكد ناشط ل «فرانس برس»، أن «10 دبابات و15 الى 20 ناقلة جند، أُرسلت الى محيط مدينة ابو كمال» على بعد 500 كلم شرق دمشق. إلى ذلك، تحدث رجل عرَّف عن نفسه بأنه مقدم في الجيش السوري، عن «خلافات في صفوف الجيش»، مؤكداً انه قام بحماية سكان من مدينة جسر الشغور حين هاجمتها القوات السورية. وقال المقدم حسين هرموش، الذي لجأ منذ الخميس الى حدود تركيا قرب بلدة غوفيتشي، لوكالة «فرانس برس»: «كان الجيش السوري يتقدم في جسر الشغور، وكانت وحدات المشاة في الأمام والدبابات في الخلف. حاولتُ حماية المدنيين». وروى: «كان معي مجموعات فارّة (من الجنود)، ولم يكن في حوزتنا سوى اسلحة خفيفة وألغام». وتابع: «نصبنا أفخاخاً للجيش السوري لتاخير تقدمه والسماح للمدنيين بالفرار ومغادرة المدينة»، مؤكداً انه وضع ألغاماً على نقاط عبور للقوات. وكان شهود أفادوا عن وقوع مواجهات بين فصائل مختلفة من الجيش في هذه المدينة، البالغ عدد سكانها 50 الفاً، والتي تشهد حملة قمع عنيفة منذ بضعة ايام. وروى احدهم ان مواجهات وقعت الاحد بين اربع دبابات انشقت عن الجيش وباقي القوات الموالية للنظام، فيما أفاد شاهد آخر عن تدمير جسور لمنع تقدم العسكريين. إلاّ أن المقدم هرموش نفى المعلومات عن تدمير الجسور، مؤكداً ان الدبابات دخلت المدينة سالكةً الجسور، ولم يتم تدميرها. والضابط، الذي عرّف عن نفسه بإبراز بطاقته العسكرية ولو انه يرتدي اللباس المدني، أكد انه اغتنم مأذونية ليفرَّ الخميس من دمشق في اتجاه الحدود التركية حيث تقيم عائلته. وهو يؤكد أنه فرّ من الجيش بسبب شنِّه «هجمات على مدنيين أبرياء لا يحملون بأيديهم سوى أغصان زيتون»، مشدداً على ان المحتجين في جميع المدن التي أُرسل إليها لم يكونوا مسلحين على الإطلاق. وقال إن «الجيش تلقى الامر بمنع حصول التظاهرات بأي ثمن، وبكمِّ أفواه الناس. أمرونا بإطلاق النار على الناس اذا تواصلت التظاهرات». وأضاف: «لم أقبل الاوامر، لكنني رأيت ما فعله بعض الجنود. رأيت الدبابات تطلق النار على المدن، رأيت المدفعية تطلق النار والمروحيات تطلق النار بالأسلحة الرشاشة». وقال إن «الجيش السوري يقتل مدنيين ويطرد الناس من منازلهم... البلدات يتم إخلاؤها، والسكان يُطردون الى الحدود وإلى الدول الأجنبية». ويأمل حسين هرموش بأن يدفع انشقاقه ضباطاً آخرين إلى الفرار أيضاً، ويقول: «اتصل بي بعض الاشخاص، وبإذن الله سوف يفرون من الجيش». غير ان هذا الخيار في غاية الصعوبة، حيث يوضح المقدم: «ثمة ضباط وجنود كثيرون يودون الفرار لكنهم لا يفعلون، لأنهم يخشون أن يتم قتلهم مع عائلاتهم». وذكر أن «أحد عناصر الاستخبارات تلقّى تعليمات بقتل المدنيين، لكنه لم يفعل، فجرى اغتصاب زوجته». وسئل عما نقله شهود عديدون عن وجود عناصر من القوات الإيرانية ومن «حزب الله» اللبناني يشاركون في قمع المحتجين الى جانب الجيش السوري، فأكد المقدم هرموش أنه شاهَدَ عناصر ايرانيين ومن حزب الله. وقال: «في دمشق، بقطاع سقبة، أذكر جيداً عندما رأيت الناس يتظاهرون، وشاهدت (هؤلاء العناصر) يتحركون»، مضيفاً: «رأيت بأمّ عيني قناصةً إيرانيين ومن «حزب الله» متمركزين في الطبقات العليا، يطلقون النار على الحشود».