نفت روسيا اتهامات بسعيها إلى إحياء «الحرب الباردة» وإطلاق سباق تسلّح آخر، بعد تصريحات للرئيس فلاديمير بوتين أثارت «قلقاً» لدى نظيره الأميركي دونالد ترامب والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل. وألغت موسكو محادثات استراتيجية مع الولاياتالمتحدة كانت مقررة هذا الشهر، بعدما تغيّب وفد واشنطن عن اجتماع حول الأمن المعلوماتي. وجدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تأكيده أن «كل منظومة» أسلحة وردت في خطابه الخميس أمام الهيئة الاشتراعية الروسية «تتغلّب بسهولة على المنظومة الدفاعية الأميركية المضادة للصواريخ»، علماً أنه كان تحدث عن أسلحة «لا تُقهر». وقال لشبكة «إن بي سي» الأميركية إن منظومات دخلت الخدمة القتالية فعلياً، ووصف «محللين يعلنون اندلاع حرب باردة جديدة»، بأنهم «ليسوا محللين حقيقيين، بل يمارسون الدعاية». كما حمّل واشنطن مسؤولية أي حديث عن سباق تسلّح، معتبراً أنه «بدأ لحظة انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق الدفاع المضاد للصواريخ». كما شدد الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف على أن «روسيا لا تنوي خوض سباق تسلّح»، مضيفاً: «ننفي كل الاتهامات الموجّهة إلى روسيا بانتهاك القانون الدولي حول نزع الأسلحة ومراقبتها. روسيا كانت وستبقى ملتزمة واجباتها الدولية». واستدرك: «ليس ذلك سوى ردّ من روسيا على انسحاب الولاياتالمتحدة من اتفاق الدفاع المضاد للصواريخ والعملية النشطة لتطوير نظام عالمي مضاد للصواريخ ينتهك التكافؤ الاستراتيجي والنووي، وأن يبطل عمليات القوات الاستراتيجية الروسية». في المقابل، أعلن مكتب مركل أن «المستشارة والرئيس (ترامب) قلقان للتصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الروسي بوتين، حول تطوير أسلحة (روسيا) وعواقبها على جهود ضبط منظومات الأسلحة في العالم». وكانت ناطقة باسم الخارجية الأميركية هيذر نويرت اعتبرت أن ما فعله بوتين «ليس سلوكاً مسؤولاً للاعب دولي». وأضافت أن «الرئيس بوتين أكد ما كانت حكومة الولاياتالمتحدة تعرفه منذ فترة طويلة، والذي كانت روسيا تنكره قبل ذلك، إذ تعمل لتطوير أنظمة أسلحة تقوّض الاستقرار لأكثر من عقد، في انتهاك مباشر لالتزاماتها باتفاقات» لضبط التسلح. ورأت أن موسكو أثبتت أنها انتهكت اتفاقية الأسلحة النووية المتوسطة المدى المبرمة عام 1987، عبر تطويرها صواريخ «كروز» تُطلق من البرّ. اما الناطقة باسم وزارة الدفاع الأميركية دانا وايت فلفتت إلى أن «تطوير هذه الأسلحة يجري منذ وقت طويل، ولم نفاجأ بالأمر»، وأكدت أن «في امكان الأميركيين أن يثقوا بأننا على أتم الاستعداد». وأجّجت روسيا التوتر مع الولاياتالمتحدة، اذ ألغت محادثات استراتيجية كانت مقررة هذا الشهر. وبرّر السفير الروسي في واشنطن أناتولي أنطونوف الامر بتغيّب الوفد الأميركي عن اجتماع حول الأمن المعلوماتي كان مقرراً في جنيف نهاية الشهر الماضي. وقال إن موسكو تجد من «المستحيل» المضيّ بعقد اجتماع فيينا لمناقشة الاستقرار الاستراتيجي ومشكلات تشهدها العلاقات بين القوتين العظميين، متهماً واشنطن بالعمل لزيادة تدهور العلاقات الثنائية. وشدد أنطونوف على أن «روسيا لم تنتهك اتفاقاً واحداً يتعلّق بمراقبة الأسلحة وعدم الانتشار النووي، عبر تطوير قدراتها النووية»، موضحاً أن الأسلحة التي تحدث عنها بوتين ليست مشمولة بالمعاهدات الموقعة بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي. ورأى مراقبون أن عرض بوتين صواريخ وغواصات وطائرات مسيرة في خطابه السنوي، يستهدف إقناع الولاياتالمتحدة بالعودة إلى مفاوضات حول تمديد معاهدة «ستارت 3» التي انتهت صلاحيتها الشهر الماضي. لكن محللين أشاروا إلى أن بوتين سعى إلى التغطية على فشل في إيجاد حلول للمشكلات الاقتصادية وزيادة معدلات الفقر، بتضخيم خطر العامل الخارجي، واستعراض قوة روسيا في الأسلحة عالمياً، غامزاً من قناة «العزة القومية» وقوة الجيوش والأساطيل الروسية التي «لا تقهر».