أجدابيا (ليبيا) - أ ف ب - على الطريق المؤدي غرباً من أجدابيا الى البريقة تندر حركة السير وعلى امتداد البصر في الصحراء يشاهد حطام الدبابات المحترقة بينما يقترب خط الجبهة. ويشير الحطام على طريق البريقة، المدينة النفطية الهامة، الى القتال العنيف الذي دار مؤخراً. غير أن الثوار عند إحدى نقاط التفتيش يحولون دون تجاوز الصحافيين هذه النقطة باتجاه جبهة القتال. ولا جدوى من الإصرار. فلدى فطري مختار أوامر بعدم تجاوز أي شخص نقطة التفتيش. لقد ولت الأيام الأولى للثورة على نظام معمر القذافي والتي بدأت منتصف شباط (فبراير)، عندما كان الثوار يتدفقون في شكل شبه عفوي مع أسلحتهم الى الغرب قبل أن يندحروا من جديد تحت وابل القصف الكثيف من جانب قوات القذافي. وعلى نقطة التفتيش يقف عدد من الثوار بينما آثر آخر أخذ قسط من النوم على متن إحدى السيارات التي تحمل رشاشات وقاذفات صواريخ والتي توقفت ثلاث منها. ويقول مختار: «يتحرك خط الجبهة ذهابا وإياباً بين الكيلومتر 18 والكيلومتر 40». ولا تزال البريقة المدينة الاستراتيجية التي يسعى المتمردون للسيطرة عليها منذ أسابيع، في أيدي قوات القذافي على رغم شن القوات الفرنسية والبريطانية هجمات بمروحيات قتالية مؤخراً. كما أن العمل في المنشآت النفطية في البريقة متوقف في الوقت الراهن، غير أن سقوط هذه المدينة في أيدي الثوار من شأنه فتح خط الوقود بين معقلهم في بنغازي شرقاً وسرت الى الغرب. وكان مختار يعمل مدرساً للغة العربية قبل اندلاع الثورة ويقول: «أفضل أن أمسك الطباشير بدلاً من الكلاشنيكوف، واقف أمام سبورة بدلاً من الوقوف هنا، ولكن لا بد أن يرحل»، في إشارة الى القذافي، الذي عادة ما لا يشير إليه الثوار بالاسم، بل يكتفون بالإشارة إليه بضمير الغائب، أو بوصفه ب «الشيطان». ويتردد صدى بضعة انفجارات لصواريخ «غراد» من خط الجبهة فيما تعبر مركبة قديمة محملة بعدد من الثوار الشبان وهم يرفعون الأعلام. ويخيم صمت مطبق غالباً على المنطقة ولا يجد الصحافيون أمامهم سوى محاولة استنباط ما يدور، بما في ذلك ما يستقى من المعلومات من مستشفى أجدابيا حيث ينقل المصابون للعلاج من شظايا القذائف ورصاص الحرب. ويقول الطبيب ونيس العبيدي «أمس عالجنا ثلاثة مصابين، أصيب أحدهم بنيران صديقة» بينما أصيب آخر حينما انفجرت الذخيرة في وجهه أثناء تجهيز سلاحه. أما المصاب الثالث، وهو مقاتل مخضرم، فقد نقل الى المستشفى بعد مشاركة قصيرة في القتال على خط الجبهة، حيث يقول إن طائرات الحلف الأطلسي تواصل قصف مواقع القذافي. ويضيف المقاتل: «نحن على أهبة الاستعداد بانتظار أن يعطونا الضوء الأخضر». وقال موسى المغرب، أحد القادة الميدانيين الذي عاد من البريقة الى بنغازي إن الثوار يتأهبون لتنفيذ هجوم «قريباً». وتابع: «نحن على اتصال مستمر بالأباتشي»، في إشارة الى المروحيات الهجومية البريطانية التي تم نشرها فوق الأجواء الليبية منذ الثامن من حزيران (يونيو) الجاري. وعلى رغم الحملة الجوية للحلف الأطلسي لم يتمكن الثوار من الاحتفاظ بسيطرتهم على البريقة، التي سيطروا عليها لوقت قصير في مطلع آذار (مارس) قبل تراجعهم أمام قوات القذافي. وفي الوقت ذاته، تجد قوات القذافي نفسها غير قادرة على دحر الثوار الى أجدابيا، التي تقع على بعد 240 كيلومتراً شرق البريقة، وذلك لتواصل قصف طائرات الأطلسي لقوات القذافي من دون هوادة. وحالياً تحافظ أجدابيا على هدوئها، وإن كان هدوءاً نسبياً.