آخر عهدٍ للمنتخب السعودي في أرض الرافدين كان قبل حوالى 40 عاماً، حين خاض بطولة كأس الخليج التي استضافها استاد الشعب الدولي في بغداد، قبل أن يدخل العراق في مرحلة من الحروب والمشكلات السياسية التي أحدثت قطيعةً على الصعد كافة، لا سيما الرياضي منها. وأطلق العراقيون «هاشتاغ» دارك يا أخضر، ترحيباً بالمنتخب السعودي. ويكسر المنتخب الجمود الرياضي بين البلدين حين تستضيف البصرة اليوم قمة ودية مرتقبة يدخل معها الشعبان منعطفاً مهماً بنكهة رياضية- سياسية، لتشكل جزءاً من مسار تصاعدي في التقارب ظهر أخيراً في أكثر من مجال. وبعد قطيعة رياضية طويلة بدأت في تسعينات القرن الماضي، وأتت انعكاساً للتوتر السياسي على خلفية الغزو العراقي للكويت، تسهم عودة المنتخب السعودي في مساعي الرفع الكامل للحظر المفروض من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) على استضافة العراق المباريات الدولية الرسمية، لا سيما بعد إعلانه «النصر» على تنظيم «داعش»، وتحسن الأوضاع الأمنية. وفي إشارة إلى الأهمية التي يوليها العراق لهذه المباراة ودورها في الإسهام في رفع الحظر، كشف الناطق باسم «فيفا» أن رئيسه السويسري جاني انفانتينو تلقى دعوة لزيارة العراق. وكان انفانتينو قام مطلع كانون الأول (ديسمبر) الماضي بزيارة سريعة للكويت، أعلن خلالها قرار رفع الحظر المفروض منذ عامين على كرة القدم الكويتية، بسبب التدخل السياسي في الشأن الرياضي. ويعوّل العراق على الدعم الخليجي، خصوصاً السعودي، للدفع في اتجاه رفع كامل لحظر استضافة المباريات الدولية الرسمية، خفف الاتحاد الدولي العام الماضي هذا الحظر المفروض منذ أعوام، وسمح بإقامة المباريات الودية الدولية فقط على ثلاثة ملاعب، في مدينتي كربلاء والبصرة الجنوبيتين، وأربيل مركز إقليم كردستان الشمالي. ويأمل العراقيون بأن تكسر الزيارة السعودية حاجز الخوف والتردد لدى المنتخبات الخليجية من القدوم إلى العراق، خصوصاً بعدما اعتذر الاتحاد الكويتي في اللحظة الأخيرة عن عدم المشاركة في بطولة رباعية تعتزم بغداد إقامتها في كربلاء الشهر المقبل. ويأمل اتحاد الكرة ووزارة الشباب والرياضةالعراقيان بأن تسهم المباراة الاستثنائية في تعزيز ثقة «فيفا» بالملاعب العراقية وقدرتها على استضافة المباريات الرسمية، ومن هنا تبرز رمزية حضور انفانتينو من عدمه. وقال وزير الشباب والرياضةالعراقي عبد الحسين عبطان عن قمة اليوم: «إن السياسة لا تغيب في أي مجال، وللسعودية ثقل سياسي كبير، وحضور منتخبه إلى العراق يعني لنا الكثير»، مضيفاً أن «ذلك سيفتح شهية المنتخبات والدول الأخرى لزيارة العراق، ومساندة ملفه المطالب برفع الحظر الكلي عن ملاعبه». وتأتي مباراة اليوم بعد توقيع البلدين اتفاق تعاون رياضياً في كانون الأول (ديسمبر) الماضي، خلال زيارة قام بها وفد رياضي عراقي للرياض. وأتت هذه الزيارة في إطار تقارب سياسي بين البلدين بعد أعوام من الجفاء. ومرت العلاقات الرياضية بين الرياضوبغداد بفترات مختلفة، وطالما سارت بموازاة العلاقات السياسية. ففي ثمانينات القرن الماضي، اختار العراق مدينة الطائف مكاناً لمبارياته إبان الحرب مع إيران. وفي التسعينات، نتيجة غزو صدام حسين الكويت، أصبحت الملاعب الأردنية والإماراتية بديلة لخوض استحقاقات المنتخبات السعودية مع العراق.