أقر الحزب المحافظ بزعامة أنغيلا مركل اليوم (الاثنين) بغالبية ساحقة اتفاق تشكيل ائتلاف حكومي مع الحزب الاشتراكي الديموقراطي، ما يشكل دعماً للمستشارة الألمانية بعد حركة تمرد غير مسبوقة وخمسة أشهر من البلبلة السياسية. وصرح أرمين لاشيت أحد مسؤولي الحزب بأنه «تمت المصادقة على اتفاق الائتلاف الحكومي بتأييد 348 صوتاً من أصل 375 ممثلاً كانوا حاضرين ومعارضة 27 آخرين»، وذلك إثر التصويت الذي تم برفع الأيدي. ومهدت مركل الطريق قبل طرح اتفاق الائتلاف على ممثلي حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي من خلال تعهدها القيام بتغييرات. وبعد أسابيع من الانتقادات الداخلية، أقرت مركل ضمناً بأن مؤتمر الاثنين «ينبغي أن يبدأ بارساء أسس تجدد براغماتي». وكانت مركل تعرضت قبلاً لوابل من الانتقادات حول التنازلات الكبيرة التي قدمتها للاشتراكيين الديموقراطيين، ففي سعيها لإقناع الحزب الاشتراكي الديموقراطي الشديد التردد في الانضمام إلى حكومتها، اضطرت إلى التخلي له عن وزارة المال التي يعتبرها المحافظون الضمانة لسياسة صرامة مالية في ألمانيا وأوروبا. وقال مسؤول الشباب المحافظين بول زيمياك: «لا أثق في الاشتراكيين الديموقراطيين للتصرف في شكل مسؤول مع المال». إلا أن ذلك لا يضمن لمركل أن تظل مستشارة لولاية رابعة. فاذا كان المحافظون صادقوا على اتفاق التحالف، إلا أن التحدي الكبير يظل الاستفتاء الداخلي ل464 ألف ناشط في الحزب الاشتراكي الديموقراطي والتي ستعلن نتائجه الأحد. وفي حال أظهر هذا الحزب انقساماً ورفض الائتلاف فإن ألمانيا المعاصرة ستشهد أزمة حكومية غير مسبوقة. كما تنتظر أوروبا من ألمانيا أن يصبح لها حكومة أخيراً، وذلك بعد خمسة أشهر على انتخابات تشريعية خرج منها الاقتصاد الأول في القارة الأوروبية من دون غالبية واضحة ومع اختراق لليمين المتطرف. وأقرت مركل الاثنين بأن «الغالبية الساحقة من سكان البلاد، وأيضاً خارج حدودها يتطلعون» إلى حكومة مستقرة. وبدأ النقاش حول خلافة مركل بالفعل داخل حزبها. فبعدما كانت المستشارة تواجه انتقادات داخلية حادة منذ فتحها حدود ألمانيا أمام أكثر من مليون مهاجر في 2015، وارتفعت نبرتها بعد فوزها بهامش ضيق في الانتخابات التشريعية الأخيرة في أيلول (سبتمبر)، تصاعدت هذه الانتقادات لسياسة مركل مع اتفاق الائتلاف الحكومي. وسعياً منها لتجاوز غضب الجناح اليميني قبل عقد مؤتمر الحزب، أعلنت المستشارة مساء الأحد، منح حقيبة وزارية لزعيمه ينس سبان في حكومتها المقبلة، إذ سيتولى وزارة الصحة. وقالت إن وجوده في الحكومة سيعكس «تعددية الحزب». ويعتبر ينس (37 عاماً)، أبرز معارضي خط مركل في صفوف حزبها، أن الاتحاد المسيحي الديموقراطي بات يتخذ منحى «اشتراكياً ديموقراطياً» أكثر مما ينبغي. وقال خبير العلوم السياسي تيمو لوشوكي لقناة «أن تي في» التلفزيونية إن «المستشارة تزعزعت أكثر من أي وقت داخل حزبها. من الواضح أنها ترى أن عليها القيام بتنازلات أمام المحافظين للاحتفاظ بقدرتها على التحرك». وازاء مطالب التجديد داخل الحزب المسيحي الديموقراطي، وعدت المستشارة التي تحكم البلاد منذ أكثر من 12 عاماً بتشكيل حكومة أكثر شباباً، وعمدت خصوصاً إلى التمهيد لخلافتها. وتعتزم مركل تعيين رئيسة حكومة زارلاند المحلية أنيغريت كرامب كارنباور المقربة منها في منصب المسؤولة الثانية في الحزب، ما يمهد الطريق لتوليها قيادة المحافظين في مرحلة ما بعد مركل عند انتهاء ولايتها الرابعة المرجحة. ومن المفترض أن يتم تأيكد كرامب كارنباور في المنصب خلال اجتماع المؤتمر الاثنين. ويمكن لكارنباور (55 عاماً) أن تكون صلة وصل مع الجناح اليميني من الحركة، ولو ان المؤشرات تفيد منذ الآن أنها ستكون على خصومة في المستقبل مع ينس سبان. وتعلن المسؤولة الكاثوليكية عن مواقف محافظة أكثر من مواقف مركل في المسائل الاجتماعية.