قررت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل منح حقيبة وزارية لمعارضها الرئيس في صفوف حزبها المحافظ، في محاولة منها لوقف حركة استياء متنامية في الجناح اليميني من «الاتحاد المسيحي الديموقراطي»، وفق ما أفادت وسائل إعلام مساء أمس (السبت). ومن المتوقع ترقية ينس سبان (37 عاماً) الذي يتقدم منتقدي سياسات مركل الوسطية، من وزير دولة للمال في الحكومة المنتهية ولايتها إلى وزير للصحة في الحكومة المقبلة. وذكرت صحيفتا «بيلد» و«سودويتشه تسايتونغ» وكذلك وكالة الأنباء الألمانية «دي بي ايه» أن مركل حسمت قرارها وستعلنه مساء الأحد بعد اجتماع للهيئات القيادية في حزبها. ووجه سبان منذ أشهر انتقادات حادة إلى سياسات الهجرة السخية التي طبقتها مركل وأدت إلى وصول أكثر من مليون طالب لجوء إلى ألمانيا. وهو يدعو إلى تحول محافظ حاد ل«الاتحاد المسيحي الديموقراطي» سعياً إلى اجتذاب قسم من الناخبين الذين أيدوا حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف في الانتخابات التشريعية الأخيرة في أيلول (سبتمبر). غير أن المستشارة رفضت هذه الاستراتيجية مصرة على إبقاء حزبها في الوسط. لكن بعد هامش انتصارها الضيق في الانتخابات الذي وضعها في موقع ضعيف، تواجه مركل منذ أسابيع عدة انتقادات غير مسبوقة من حيث حدتها من الجناح اليميني لحزبها، مطالباً بالأخذ بمواقفه. ويبدو أن المحتجين ينتظرون لمعرفة ما إذا كان زعيمهم سبان سيحصل على حقيبة وزارية. وكتبت صحيفة بيلد: «إنها حلت بهذه الوسيلة مشكلتين، فأوجدت موقعاً لسبان بمنحه حقيبة سيادية، ولم يعد بوسع الجناح اليميني الادعاء بأن ممثله بقي خالي اليدين». كما أن المستشارة تأمل من خلال هذه الخطوة بتحييد خصمها الذي سيكون ملزماً بفعل منصبه الوزاري إبداء الولاء للحكومة والتحفظ على انتقاداته. أما الوزراء الخمسة الآخرون الذين تعتزم مركل تعيينهم من حزبها، فجميعهم موالون لها. ومن المتوقع بحسب وسائل الإعلام أن تحتفظ أورسولا فون دير ليان بحقيبة الدفاع، فيما تمنح حقيبة الاقتصاد لوزير المال الحالي بالوكالة بيتر ألتماير الذي كان لفترة طويلة مساعداً لمركل في المستشارية. كما ستتولى جوليا كلوكنر المقربة من المستشارة وزارة الزراعة، وهي تمثل صلة وصل مع الجناح اليميني للحزب لدعوتها إلى تبني سياسة حازمة في مجال الهجرة. في المقابل، اضطر المحافظون إلى التخلي عن وزارات عدة مهمة ل«الاشتراكيين الديموقراطيين»، بدءاً بوزارتي المال والخارجية، لإقناعهم بالدخول في ائتلاف حكومي معهم. وما زال يتعين حصول الائتلاف الحكومي على موافقة ناشطي الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذين يصوتون في استفتاء داخلي يستمر حتى مطلع آذار (مارس). واذا ما صوتت غالبية ناشطي الحزب ب«لا» عبر البريد والانترنت، فإن ألمانيا ستواجه شللاً سياسياً وربما تضطر للذهاب إلى انتخابات مبكرة جديدة يمكن أن تهدد بإنهاء مسيرة مركل في قيادة البلاد بعد 12 عاماً في السلطة. أما الحزب الاشتراكي الديموقراطي، فمن المتوقع أن يوافق على الائتلاف الاثنين، في عملية تصويت تبدو محض شكلية بعد بادرة المستشارة حيال معارضيها في صفوفه.