لا تعلم «أم عبد الله» متى تنتهي أزمتها، تصارع الحياة بما تبقى من راتب زوجها المسجون، الذي لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال يذهب نصفه لإيجار البيت، والنصف المتبقي تصرف به على شؤون البيت وعلى خمس بنات أخريات بلا عائل. علماً بأن الصرف يشمل الأكل والشرب وجميع متطلبات الدراسة. أبو محمد العارف بظروف الأسرة يقول: «المرأة عفيفة جداً لا تريد أن تمد يدها إلى أحد، وعن طريق زوجتي التي كانت زميلة لها من قبل، عرفت تفاصيل حياتها، فهي تصارع بصمت، حتى من حولها لم يقدموا مساعدة تستحق لها، خصوصاً أنها حريصة على أن سمعتها وسمعة بناتها». استقل أبو محمد سيارته منطلقاً من الرياض إلى القصيم بمعية زوجته للاطلاع على حال الأسرة، وتأثر مما رأى. ويوضح: «حالتها مأساوية جداً، فلا يوجد لديها ابن يخفف عنها مصاعب الحياة، والبنات الخمس كلهن صغيرات لا يمكن لهن العمل»، لافتاً إلى أنها تعيش على مساعدة أهل الخير، لكنها مساعدات محدودة لا تسد جوع بطونهن ولا تلبي أقل حاجاتهن». ويستطرد: «ما لمسته أنها تتمنى مسكناً يؤويها وبناتها ويخفف عن كاهلها همّ مبلغ الإيجار، سواء كان شقة أم بيتاً متواضعاً، إضافة إلى وظيفة أنسب لها من تلك الوظيفة التي تعمل فيها»، مشيراً إلى أن الحياة تزداد صعوبة عليهن يوماً بعد يوم في ظل الغلاء الفاحش، وليس هناك ما يشير إلى تحسن ظروفهن أو وضعهن الاجتماعي. بعد إلحاح شديد، تحدثت أم عبد الله: «لن يتصور أحد الظروف التي عشتها وبناتي، وهو ما دفعني إلى البحث عن عمل ولو براتب متواضع، وهو ما حدث، فأنا أعمل حالياً براتب 800 ريال شهرياً، يذهب منه نحو 300 ريال للمواصلات ويساعدني بقية المبلغ على تلبية حاجات بناتي، خصوصاً الأمور الدارسية»، مشيرة إلى أن ما يشغل بالها هو مستقبل بناتها، وهي حريصة على إكمال دراستهن حتى لو كان ذلك على حساب أشياء ضرورية أخرى. وتضيف: «الوقت الحالي أصبح كثير من الناس مشغول بنفسه عن الآخرين، وإذا اضطررت لطلب المساعدة وعلى استحياء، أجد امتعاضاً من بعض المقربين ما يجعلني أكتفي بما لدي، على رغم قلة اليد، وصعوبة توفير ضروريات الحياة». وتفضل أم عبدالله الصمت عن الحديث، ولا تريد أن يعلم عن حالها المقربين لها، حرصاً على بناتها، «لا أريد أن يحدث أي ضرر لبناتي، فلا ذنب لهن في ما يحدث، ولذلك أحرص على إبعادهن عن أي شيء قد يضر في نفسياتهن»، مؤكدة أنه يخالجها نوع من الخوف والحزن في أحيان كثيرة، خصوصاً أنها لم تعتد على تحمل المسؤولية من قبل، ويزداد الخوف حين ترى بناتها لوحدهن بلا عائل.