استعرت المواجهات المسلحة في ولاية جنوب كردفان في وسط البلاد المتاخمة لجنوب السودان، بين الجيش وقوات «الجيش الشعبي لتحرير السودان» من أبناء المنطقة الذين كانوا في الجيش الجنوبي. وشهدت مدينة كادوقلي عاصمة الولاية، إطلاق نيران مدافع ثقيلة وقصفاً متبادلاً، وأجلت الأممالمتحدة مدنيين إلى خارج المدينة، كما غادر موظفو المنظمات الإنسانية المنطقة بعد انهيار محادثات بين طرفي السلام. وقال شهود في كادوقلي، إن مدنيين سقطوا بين قتيل وجريح في اليوم الثاني للاشتباكات، فيما بدأ آلاف المدنيين بالفرار، وطلبت منهم الاممالمتحدة التجمع في منطقة شعير في شمال المدينة لتجنُّب القصف العشوائي من المناطق المحيطة. وأُغلقت الطرق المؤدية إلى كادوقلي أمام حركة المرور، كما أغلق المطار فى وجه الملاحة الجوية وأصيبت محطة توليد الكهرباء، ما أدى إلى توقف التيار الكهربائي. وأكد شهود في اتصالات هاتفية مع «الحياة»، أن أصوات الرصاص والقذائف تواصلت منذ ليل الإثنين من أحياء كلمو وقعر حجر والزندية وجبل الرديف، وأن بعض السكان تمسكوا بالبقاء في منازلهم وعدم مغادرة المدينة رغم القذائف التي تتساقط على رؤوسهم. وأوضح مسؤول حكومي ل «الحياة»، أن «أبناء جبال النوبة الذين كانوا في الجيش الجنوبي، صعدوا إلى الجبال المحيطة بمدينة كادوقلي، ومنهم نائب رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» في شمال السودان عبدالعزيز الحلو، الذي فشل في انتخابات حاكم ولاية جنوب كردفان التي جرت الشهر الماضي، «وتلقوا دعماً عسكرياً من الجنوب، وحاولوا الاستيلاء على بعض البلدات». وذكر أن «الجيش لم يتدخل إلا اليوم في المواجهات، بعدما قصف مقاتلو الجيش الشعبي مقر إقامة حاكم الولاية أحمد هارون ومقار جهاز الأمن والشرطة»، نافياً أن يكون الجيش سعى إلى نزع سلاح «الجيش الشعبي». وكانت «الحركة الشعبية» و «حزب المؤتمر الوطني» اتفقا قبل ساعات من وقوع الاشتباكات على إزالة التوترات بين الجانبين جرّاء الأحداث الأمنية الأخيرة. وقال وزير الدولة في رئاسة الجمهورية يحيى حسين، إن «الحوار بين الجانيبن هو الخيار الوحيد لتجاوز الخلافات وتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة». وكشف حاكم الولاية أحمد هارون، أن مسؤولين من الجانبين اتفقوا على عدم اللجوء إلى العنف وتهدئة التصعيد، «لكننا فوجئنا بإطلاق نار عشوائي داخل مدينة كادوقلي لحظة عودتي من المطار بعد وداع وفد الحركة الشعبية». لكن عبدالعزيز الحلو قال إن الجيش سعى إلى نزع سلاح قوات «الجيش الشعبي»، ما أدى إلى وقوع اشتباكات بينهما. من جهة أخرى، أكد المبعوث الرئاسي الأميركي إلى السودان برينستون ليمان، ضرورةَ انسحاب القوات الشمالية من منطقة أبيي المتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه. وقال في تصريحات صحافية عقب محادثات أجراها أمس مع وزير الخارجية المصري نبيل العربي في القاهرة، إن «من الصعب عودة الشمال والجنوب للتفاوض وهناك احتلال عسكرى في المنطقة». وحض الخرطوم على الموافقة على الانسحاب من أبيي والموافقة على وجود قوي لقوات الأممالمتحدة «لتوفير الأمن للسكان المدنيين وإبقاء قوات شمال السودان وجنوبه خارج أبيي»، مشيراً إلى «وجود توافق دولي على هذا الأمر». وقال إن «الجميع يحضّون حكومة الخرطوم على الموافقة على ذلك في أقرب وقت ممكن». وشدد على أهمية حل جميع القضايا العالقة قبل إعلان قيام دولة جنوب السودان في 9 تموز (يوليو) المقبل. ووصف الوضع في أبيي بأنه «متوتر للغاية»، مشيراً إلى أن جهوداً تبذل لتسوية القضايا العالقة.